في عصر أصبحت فيه شبكة الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، يظل ما يقارب 2.6 مليار شخص حول العالم محرومين من الوصول إليها بسبب الفجوة الرقمية الناتجة عن ظروف اقتصادية وجغرافية، وفقاً لتقارير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024.

في هذا السياق، برزت مبادرة عالمية تحمل اسم «الإنترنت في صندوق» (Internet-in-a-Box - IIAB) كحل مبتكر يتيح الوصول إلى كم هائل من المعلومات والموارد من دون الحاجة لاتصال مباشر بالإنترنت.

يُعد (IIAB) نظاماً مفتوح المصدر يمكنه تخزين ما يصل إلى تيرابايت واحد من المحتوى الإلكتروني المخصص محلياً، مثل المواقع التعليمية والطبية، وخرائط «غوغل» أو «أبل» لمنطقة محددة.

يُمكن تهيئة الجهاز بحسب الحاجة؛ فمثلاً يمكن للعيادات الطبية في المناطق النائية تحميله بموارد صحية للكوادر والمرضى، بينما تملأ المدارس محتوياته بالمناهج التعليمية ذات الصلة.

وتعتمد هذه التقنية على برمجيات «لينكس» سهلة الاستخدام مثل «أوبونتو» و«ديبيان» ونظام «راسبيري باي»، وتعمل على أجهزة قديمة من الحواسيب الشخصية و«الماك»، أو على حواسيب «راسبيري باي» الصغيرة التي تستهلك طاقة منخفضة. ولتوزيع المحتوى، يمكن استخدام جهاز راوتر لاسلكي ليصبح نقطة اتصال محلية.

وشهد نظام (IIAB) تطبيقات عملية في مناطق عدة من العالم، منها البلدات الريفية في جنوب أفريقيا، ودور الأيتام والمدارس في هايتي، ومدرسة علوم للبنات في رواندا، وغيرها. ويقدم الجهاز محتوى متنوعاً، من موارد طبية ودورات خان أكاديمي ومحاضرات TED ومكتبات برمجية مفتوحة المصدر وقنوات «يوتيوب» تعليمية، تتوفر عبر حزم جاهزة للتحميل من مواقع مثل archive.org وworldpossible.org.

وإلى جانب ذلك، يمكن للمستخدمين بناء مكتباتهم الخاصة من المحتوى، أو إضافة بيانات جديدة إلى قاعدة المعرفة الخاصة بالمبادرة. كما يمكن شراء أجهزة «IIAB» جاهزة محملة بالمحتوى من خلال مشاريع «ويكي ميديا»، رغم نفاد الكمية في بعض المتاجر حالياً.

وباختصار، يمثل «الإنترنت في صندوق» خطوة مهمة نحو تقليل الفجوة الرقمية، وتوفير فرصة حقيقية للمليارات حول العالم للوصول إلى المعرفة، عبر حل بسيط ومنخفض التكلفة لا يعتمد على الاتصال المباشر بالإنترنت، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعلم والتطور في مجتمعات محرومة تقنياً.