أسفرت نتائج دراسات حديثة عن نتائج متباينة، ولكنها واعدة حول فعالية الألعاب الذهنية في وقاية كبار السن من الخرف، فضلاً عن تحسين الذاكرة لديهم.

وفي ظل تزايد أعداد المصابين بخرف الشيخوخة عالمياً، والذي يُتوقع أن يصل إلى 152 مليون شخص بحلول العام 2050، يبحث علماء وأطباء عن طرق غير دوائية للوقاية من هذا المرض وإبطاء تدهوره.

ومن بين هذه الطرق، برزت ألعاب تدريب الدماغ كخيار شائع، لكن الأدلة العلمية حول فعاليتها لا تزال مختلطة ومثيرة للجدل.

ووفقاً لدراسة تحليلية شاملة نشرتها مجلة «جيه أيه إم دي إيه»، والتي جمعت نتائج 16 دراسة مختلفة، خلص الباحثون إلى أن ألعاب تدريب الدماغ ليست أكثر فعالية من التدخلات الضابطة في تحسين الوظائف الإدراكية لدى البالغين المصابين بضعف إدراكي خفيف أو خرف.

ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن التباين الكبير في تصميم الدراسات ومنصات الألعاب وأدوات التقييم يجعل من الصعب رفض فكرة فعالية هذه الألعاب بشكل قاطع.

في المقابل، أظهرت دراسات أخرى نتائج أكثر تفاؤلاً.

فقد وجدت دراسة تتبعت أكثر من 470 ألف شخص في بريطانيا أن ممارسة ألعاب الكمبيوتر قد تكون مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف.

وفي تحليل تجميعي لـ51 دراسة تدخلية، تبين أن ثلاث جلسات أسبوعية من تدريب الدماغ، كل منها لا يقل عن 30 دقيقة، يمكن أن تؤدي إلى تحسن طفيف في التفكير والذاكرة.

وهناك دراسة نشرت في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» قارنت بين لعبة تدريب دماغ محوسبة وكلمات متقاطعة رقمية على مدار أكثر من عام.

والنتيجة المفاجئة كانت أن المشاركين الذين لعبوا الكلمات المتقاطعة بانتظام أظهروا تدهوراً إدراكياً أقل بكثير، ومهارات وظيفية أفضل، وحفاظاً أكبر على حجم الدماغ مقارنة بأولئك الذين استخدموا برنامج تدريب الدماغ المتخصص «لوموسيتي».

أما دراسة طويلة الأمد تُعرف باسم «أكتيف»، فتابعت أكثر من 2800 شخص لمدة عشر سنوات، ووجدت أن التدريب على سرعة معالجة المعلومات (وليس التدريب على الذاكرة أو التفكير المنطقي) قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 25 في المئة لدى كبار السن الأصحاء مقارنة بالمجموعة غير المعالجة.

وتشير جمعية ألزهايمر إلى أن الأدلة حول تأثير تدريب الدماغ على خطر الإصابة بالخرف لا تزال غير كافية، لكنها تؤكد أن الألعاب الذهنية يمكن أن تحسن بعض جوانب الذاكرة والتفكير لدى الأشخاص في منتصف العمر أو كبار السن. المشكلة الرئيسية هي أن معظم الدراسات كانت صغيرة أو قصيرة الأمد، ما يجعل من الصعب تقييم التأثير طويل المدى.

وينصح الخبراء في هذا المجال بعدم الاعتماد فقط على الألعاب الذهنية كوسيلة وحيدة للوقاية من الخرف. وبدلاً من ذلك، يشجعون على نهج شامل يتضمن التحكم في ضغط الدم والكوليسترول، والنشاط البدني المنتظم، والحفاظ على نشاط ذهني متنوع من خلال القراءة والهوايات والتفاعل الاجتماعي.

فبينما قد تكون ألعاب تدريب الدماغ مفيدة كجزء من إستراتيجية شاملة، فإنها ليست حلاً سحرياً، والأدلة على فعاليتها لا تزال تتطور.