كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة «غراڤايت» عن تطور مقلق في البيئة الرقمية، حيث تبيّن أن أكثر من 50 في المئة من المحتوى النصي المنشور حديثاً على شبكة الإنترنت هو الآن «ركام آلي» (AI Slop)، وهو المصطلح الذي يُطلق على النصوص المُولّدة بالكامل أو في غالبيتها الساحقة بواسطة نماذج لغة كبيرة مثل «ChatGPT».
هذه الظاهرة، التي بدأت في التسارع بعد عام 2022، تُعتبر بمثابة «تلوث معلوماتي» يهدد مصداقية شبكة الإنترنت كمصدر موثوق للمعلومات، وذلك وفقاً للبيانات التي نُشرت حديثاً ورصدت الارتفاع الهائل في المحتوى الرخيص والسطحي.
التقرير، الذي اعتمد على أداة الكشف عن الذكاء الاصطناعي «سيرفر»، أشار إلى أن نسبة المقالات المولّدة آلياً ارتفعت من 10 في المئة في أواخر 2022، لتتجاوز عتبة الـ 50 في المئة بحلول مايو 2025، لتصل إلى 52 في المئة من جميع المقالات الجديدة التي يتم ضخها في الفضاء الرقمي.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى سعي «مزارع المحتوى» إلى ملء الفضاء الرقمي بمقالات رخيصة وسريعة الإنتاج لا تهدف أبداً إلى تقديم قيمة حقيقية، بل لخدمة أغراض تحسين محركات البحث بشكل سطحي، ما أدى إلى تدهور واضح في الجودة المعرفية للمعلومات المتاحة للجمهور.
ورغم هذه الزيادة المهولة في «الركام الآلي»، فإن التقرير يحمل بعض الأخبار المطمئنة بشأن جهود حراس البوابة الرقمية.
فقد وجدت «غراڤايت» أن محركات البحث الكبرى، وعلى رأسها «غوغل»، تظل تفضل المحتوى ذا الجودة البشرية العالية، حيث إن ما يقرب من 86 في المئة من نتائج البحث الرئيسية التي تم تحليلها كانت لمقالات كتبها البشر أو خضعت لإشراف بشري عميق، ما يثبت أن الخوارزميات تعمل بجد للتمييز بين الأصالة والمنتج الآلي السطحي، وتضع حواجز قوية في وجه هذا التلوث المعلوماتي المتزايد.
ويعتقد باحثون أن هذا التحول في تفضيلات محركات البحث أدى إلى تباطؤ معدل النمو السريع للمحتوى الآلي، حيث أدركت «مزارع المحتوى» أن المواد رديئة الجودة لم تعد تحقق لها عائدات تذكر، وبالتالي لم يعد الاستثمار فيها مجدياً اقتصادياً، ما يعكس صراعاً مستمراً بين جودة الإنسان وكثافة الآلة، وهذا الصراع قد يستمر طويلاً، لكنه لن ينجح أبداً في إلغاء أهمية المحتوى المكتوب بجهد وخبرة بشرية حقيقية، ما يضع مسؤولية كبيرة على عاتق الناشرين لتجنب إغراق القارئ بالمحتوى الرديء.