خلصت دراسة فلكية حديثة أجراها فريق دولي من الباحثين إلى نتائج محورية تُلقي ضوءاً جديداً على كيفية نشوء الكون في مراحله المبكرة.
نتائج الدراسة، التي نُشرت في العدد الحالي من مجلة «The Astrophysical Journal»، أكدت أن «المادة المظلمة لعبت دوراً مهيمناً وحاسماً في تكوين المجرات التي نشأت قبل نحو 13 مليار عام، عندما كان عمر الكون لا يتجاوز عُشر عمره الحالي».
ووفقاً للباحثين، تُعد هذه النتائج بمثابة قطعة أساسية في تجميع لغز فهم البنية الكونية وتطورها المعقد.
• المادة المظلمة والسقالات الجاذبية
لطالما عُرفت «المادة المظلمة» على أنها تمثل نحو 27 في المئة من محتوى الطاقة-الكتلة للكون، وهي تشكل 85 في المئة من إجمالي كتلته. وهي تعمل بمثابة سقالة جاذبية أساسية لجميع الهياكل الكونية، حيث تتكتل في خيوط كونية متشابكة كوّنت ما يُعرف بـ «الشبكة الكونية» التي تشكلت عليها المجرات. ولفهم دورها الأقدم، أجرى الباحثون فحوصات معمقة للمناطق المركزية في مجرتين قديمتين جداً تحتويان على ثقوب سوداء هائلة في مراكزهما.
• منحنيات الدوران تروي القصة
ولتحديد توزيع الكتلة وسرعة دوران الغازات، استعان الفريق بالتقنيات التي طورتها عالمة الفلك الشهيرة فيرا روبين في سبعينيات القرن الماضي، والتي اعتمدت على قياس منحنيات دوران المجرات. وأظهرت منحنيات الدوران التي تم الحصول عليها أن «المادة المظلمة» شكلت نحو 60 في المئة من إجمالي كتلة هاتين المجرّتين المبكرتين. وتتشابه هذه النتيجة مع ما يُلاحظ في المجرات القرصية العملاقة في الكون المحلي، ما يشير إلى أن تجميع «المادة المظلمة» كان عاملاً مهماً جداً في المراحل الأولى.
وتُقدم هذه البيانات رؤى حيوية حول العلاقة المعقدة بين «المادة المظلمة» والثقوب السوداء الهائلة، وكما أنها تضيف دليلاً جديداً على أن هيمنة «المادة المظلمة» لم تبدأ حديثاً، بل كانت سائدة منذ المراحل الأولى لتطور المجرات إلى الهياكل المنظمة التي نرصدها اليوم.