سلّط تحليل جديد في مجال علم النفس العصبي الضوء على التغييرات الهيكلية والوظيفية العميقة التي تطرأ على كيمياء أدمغة الأطفال والمراهقين نتيجة الانغماس في العالم الرقمي والافتراضي والشاشات، وهو التحليل الذي خلص إلى استنتاج حاسم مفاده أن الاستخدام المُفرط للشاشات يغيِّر طريقة نمو وتوصيل الدوائر العصبية في الدماغ بشكل ملحوظ جداً، خصوصاً في مناطق الانتباه والتحكُّم التنفيذي.
ووفقاً لتقرير كتبته الدكتورة الأميركية أماندا ساكس-زيمرمان اختصاصية علم الصحة المعرفية، فإن هذا التحليل أجراه باحثون في علم النفس المعرفي والتعليمي وعلماء أعصاب متخصصون في دراسة أنماط نمو أدمغة الأطفال والمراهقين في العصر الرقمي الحديث. وسعى الباحثون من وراء هذا التحليل إلى تزويد أولياء الأمور والمربِّين بإرشادات وتوصيات عمليةً حول كيفية وضع حدود صارمةً لاستخدام الأجهزة الرقمية ذات الشاشات، نظراً إلى لآثار السلبية المحتملة على التطور الإدراكي والاجتماعي.
ومن خلال النتائج التحليلية، اتضح أن التفاعل المستمر مع المنبهات والمستثيرات الرقيمة البصرية والسمعية السريعة والمتقطِّعة على الإنترنت يُعزِّز من «مسارات المكافأة الفورية» في الدماغ، وهذا يُضعف من قدرة الدماغ على معالجة المعلومات المُعقَّدة التي تتطلَّب صبراً وانتباهاً طويلاً نسبياً، ويؤدِّي هذا بالتالي إلى انخفاض في مستويات القدرة الدماغية على القراءة التحليلية والتفكير النقدي كما يزيد من قابلية التشتُّت والشرود الذهني وعدم التركيز.
وأوضح الباحثون أن هدفهم الرئيسي من وراء هذا الجهد هو الإسهام في حماية الأجيال القادمة من الآثار السلبية للانفجار الرقمي، مؤكدين على أن هذا الأمر يتطلب تدخُّلات تربوية سريعة في المدارس والمنازل حول العالم.
وإذ شدَّدوا على أهمية بدء هذه التدخُّلات في سنّ مبكرةً لضمان نمو متوازن للدماغ بعيداً عن سيطرة الشاشات، فإنهم أشاروا إلى أن هذا يفرض على الحكومات حول العالم مسؤوليات سياسية وتربوية كبرى تجاه النظام التعليمي.