في اختراق طبي قد يغير مسار تشخيص أمراض الكبد المزمنة، كشفت دراسة حديثة عن إمكانية استخدام اختبار دم بسيط وغير جراحي لتحديد خطر الإصابة بأمراض الكبد المتقدمة وتليّف الكبد الذي يعرف بأنه «القاتل الصامت»؛ نظراً لعدم ظهور أعراض واضحة في مراحله المبكرة.

ويُعد هذا الكشف البحثي أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً أن الطريقة التقليدية لتشخيص تليّف الكبد تتطلب إجراء خزعة كبد جراحية، وهي عملية توغلية باضعة ومكلفة ولها مخاطرها الخاصة، وهو الأمر الذي يعيق الكشف المبكر والتدخل السريع.

الدراسة - التي أجراها باحثون في مؤسسات طبية متعددة الجنسيات – أسفرت عن أن الاختبار الجديد يعتمد على تحليل مستويات مؤشرات حيوية محددة في الدم ترتبط بتلف الكبد واستجابة الجسم للالتهاب المزمن. ويعمل هذا الاختبار على تقييم مدى التليف الحاصل في الكبد، وبالتالي يمكنه أن يقدّم تقديراً دقيقاً لمدى تطور المرض من الالتهاب البسيط إلى التليف المتقدم، وهو الأمر الذي يوفّر أداة فاعلة للأطباء لمراقبة المرضى المعرضين للخطر، مثل أولئك الذين يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) أو التهاب الكبد المزمن.

ويعتبر هذا التطور خطوة هائلة نحو التشخيص المبكر والوقاية من المضاعفات المميتة لتليّف الكبد، إذ يؤكد الباحثون أن تطبيق هذا الاختبار بشكل روتيني على فئات واسعة من السكان المعرضين للخطر قد يتيح التدخل العلاجي في مرحلة تكون فيها التغيرات الكبدية لا تزال قابلة للكبح، وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى عمليات زرع الكبد المكلفة والمعقدة، كما يساهم في إنقاذ حياة الكثيرين حول العالم ممن يتأخر تشخيص حالاتهم حتى المراحل المتأخرة والحرجة للمرض.

ويركّز البحث في المرحلة الراهنة على التحقق من صحة وموثوقية هذا الاختبار عبر تجارب سريرية واسعة النطاق لضمان دقته في بيئات طبية متنوعة وعلى مجموعات عرقية مختلفة. كما يعمل الباحثون على تحديد قيمة الاختبار التنبوئية وقدرته على تقييم الاستجابة للعلاج.