سلّط اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي الدكتور سوميتو براكاش، الضوء على ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء الغالبية العظمى من حالات الإصابة بمتلازمة القولون العصبي (IBS)، وهو الاضطراب الشائع والمؤرق.

وقال براكاش، إن التسمم الغذائي غير المُعالج يأتي في صدارة هذه المحفزات، حيث إنه يترك آثاراً مدمرة على بطانة الأمعاء والأعصاب الدقيقة المتحكمة في حركتها، مشيراً إلى أن الإصابة بالتهاب الأمعاء الحاد نتيجة التسمم الغذائي قد تتسبب في تحفيز استجابة مناعية غير طبيعية، وهذا من شأنه أن يغيّر وظيفة الأمعاء بشكل دائم، ما يؤدي إلى ظهور أعراض القولون العصبي المزمنة التي تؤثر سلباً على جودة حياة المريض.

وربط الاختصاصي الهندي بين التوتر المزمن كونه المحفز الثاني، ومحور الاتصال المعقد ثنائي الاتجاه بين الدماغ والأمعاء، موضحاً أن الإجهاد المستمر لا يؤثر فقط على الحالة النفسية للفرد، بل يؤدي أيضاً إلى زيادة نفاذية جدار الأمعاء (Leaky Gut)، وهو الأمر الذي يسمح للمواد الضارة بالتسرب إلى مجرى الدم وتحفيز الاستجابة الالتهابية. وهذا يُطلق عليه اسم «نظام الإحساس المفرط» في الأمعاء.

كما أكد أن مستويات التوتر المرتفعة تزيد من حساسية الأمعاء للألم وتغير من تكوين الميكروبيوم المعوي، وهو الأمر الذي يجعل الجهاز الهضمي عرضة لردود فعل مبالغ فيها حتى لأبسط المحفزات الغذائية أو البيئية.

وحدد العامل الثالث بأنه الاستخدام المزمن والمطول للمضادات الحيوية، مشدداً على أن هذه الأدوية - ورغم أهميتها في مكافحة العدوى - لا تفرّق بين البكتيريا الضارة والنافعة، الأمر الذي يؤدي إلى خلل كبير في توازن البكتيريا المعوية بما يقلل تعداد الأنواع البكتيرية الصحية الضرورية للهضم وامتصاص العناصر الغذائية والحماية المناعية. وبما أن الميكروبيوم يلعب دوراً حاسماً في تنظيم وظيفة الأمعاء، فإن إضعافه بالمضادات الحيوية يترك الأمعاء عرضة للاضطرابات الوظيفية، ما يؤدي إلى ظهور متلازمة القولون العصبي.

وأوصى براكاش باتباع نهج وقائي وعلاجي شامل لمعالجة الأسباب الجذرية بدلاً من مجرد إدارة الأعراض، مقترحاً أن يتضمن ذلك النهج الاهتمام الفوري والمكثف بالتسمم الغذائي لتفادي المضاعفات، وإدارة الإجهاد عبر تقنيات الاسترخاء والذهن، ومراجعة استخدام المضادات الحيوية مع الأطباء للحفاظ على سلامة الميكروبيوم.

كما شدد على ضرورة تغيير نمط الحياة بشكل صحي والتركيز على نظام غذائي غني بالألياف والبروبيوتيك، لأن هذا من شأنه أن يعزز صحة الأمعاء، ويقلل من احتمالية تفاقم أو ظهور أعراض القولون العصبي لدى المرضى الذين يعانون منه.