سلَّط اكتشاف علمي أميركي جديد الضوء على دور تذبذبات دقيقة للغاية تحصل في مستويات إفراز الناقل العصبي «الدوبامين» في منطقة الدماغ المسؤولة عن المكافأة، وهي التذبذبات التي تشكل عاملاً رئيسياً في تحديد قابلية الفرد للإدمان على أي شيء، بما في ذلك المواد والسلوكيات القهرية.

هذا البحث المُعمَّق والمتقدم أجراه باحثون مُحنَّكون في مجال علم الأعصاب في معاهد صحية أميركية متخصِّصة في دراسة الإدمان وآليات المكافأة الدماغية، وذلك تحت قيادة عالمة الأعصاب الدكتورة يي ليان تشو وطالبة الدكتوراه آنا ماكميلين، من معهد فلندرز للصحة والبحوث الطبية (FHMRI).

وتكمن أهمية هذا الاكتشاف البحثي في أنه يشير إلى أن الأمر لا يتعلق بكمية الدوبامين الإجمالية التي يتم إفرازها، بل بدقة وسرعة «تذبذبات» إفرازه خلال الاستجابة للمُحفِّزات الخارجية.

ويُعدُّ هذا الاكتشاف الجوهري ذا أهمية كبيرة لعلماء الصيدلة والأطباء النفسيين الذين يعملون على تطوير علاجات أكثر تخصيصاً وفعالية لكبح تأثيرات المخدرات والمواد والسلوكيات التي تسبِّب الإدمان بطرق غير تقليدية.

وتكمن آلية تلك التذبذبات في أن الأفراد الذين لديهم استجابة مفرطة وغير متوازنة لجرعات صغيرة من الدوبامين هم الأكثر عُرضة لتطوير السلوكيات القهرية والاعتيادية، وهذا يعني أن «نظام المكافأة» لديهم مُفرط الحساسية أو سريع الاستجابة بما يجعله يطلب مزيداً من المُحفِّزات لتحقيق المستوى نفسه من الرضا، وهي الآلية الأساسية للإدمان وتشكُّل الدوائر العصبية القهرية.

ويبشر هذا الفهم المُعمَّق باقتراب تطوير علاجات دوائية أكثر تخصيصاً تستهدف ضبط هذا التذبذب في مسارات المكافأة بدلاً من حجب الدوبامين بشكل كامل، وهذا من شأنه أن يقلِّل من الآثار الجانبية، بما يمهِّد الطريق لتدخُّلات علاجية أكثر استهدافاً وتركيزاً على مستوى الخلايا العصبية.