يرجح خبراء في مجال الأعصاب وعلم النفس أن سلوك «التخلُّصات العشوائية» قد يكون مؤشراً محتملاً للإصابة بـ«اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه» المعروف اصطلاحياً بـ«ADHD»، حيث يجد الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب أنفسهم غارقين في كثرة المهام الذهنية، ما يدفعهم إلى التخلص من المهام والأشياء بشكل مفاجئ وغير مدروس لتخفيف الضغط النفسي من على كواهلهم.

وتصف عالمة النفس الأميركية ماديسون بيري هذا السلوك بأنه أشبه بإغلاق والتخلص من جميع نوافذ وعلامات تبويب متصفح الإنترنت دفعة واحدة، وهو الأمر الذي يجلب شعوراً بالراحة الفورية، وذلك على الرغم من المخاطر المحتملة.

وهذا السلوك ليس مقتصراً على المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكنه يتجلى لديهم كآلية تأقلم. كما أنه يرتبط بشكل مباشر بما يسمى «الخلل التنفيذي»، وهو أحد الأعراض السلوكية الاضطرابية ويعوق قدرة المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على بدء المهام وفهم متطلبات إنجازها.

ويوضح المعالج النفسي أوليفر دراكفورد، أن «التخلُّصات العشوائية» ليست مجرد عملية إعادة تنظيم متهورة، بل هي سلوك تلقائي وتفاعلي يلجأ إليه بعض الأفراد لتجنّب مشاعر عدم اليقين والقلق والإرهاق التي تنشأ عندما يتم تحفيز الدماغ بشكل مفرط بسبب الفوضى المتراكمة. وبتعبير آخر، هي محاولة لتجنّب التجارب السلبية، حتى لو كان ذلك يضر على المدى الطويل.

ويمكن أن يؤدي سلوك «التخلُّصات العشوائية» إلى عواقب غير مرغوبة، مثل التخلص من وثائق مهمة أو رسائل حاسمة بشكل عشوائي وسريع أملاً في الحصول على الراحة الذهنية.

وعلى الرغم من أن هذا السلوك يوفر راحة فورية ويشعر المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بانتصار عابر، إلا أنه في الواقع حل موقت لمشاعر الإرهاق العاطفي وعدم اليقين. ولا يساعد هذا السلوك على تطوير تحمل الضيق أو اكتساب مهارات إدارة أفضل لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على المدى الطويل.

ختاماً، يؤكد الخبراء على أهمية فهم الدوافع الكامنة وراء «التخلُّصات العشوائية» لدى المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والبحث عن إستراتيجيات أكثر صحة للتعامل مع الفوضى الذهنية والعاطفية. فبينما يوفر هذا السلوك حلاً سريعاً، إلا أنه لا يعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، ما يستدعي تبني أساليب علاجية شاملة لتعزيز مهارات التنظيم والتحكم الذاتي.