من مبدأ أن الابتسامة تُطفئ نار الضيق والهموم، انطلقت أحداث العرض المسرحي «سيرك الغابة»، الذي قدمته فرقة «خورفكان للفنون» من دولة الإمارات، في مسرح الدسمة، وهو العرض ما قبل الأخير في جدول فعاليات الدورة الثامنة للمهرجان العربي لمسرح الطفل، الذي يُختتم غداً في قاعة الدراما بمركز الشيخ جابر الثقافي، وذلك تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وبالعودة إلى العرض، الذي نسجت أحداثه الشيخة سارة محمد ماجد القاسمي، وأخرجه عبدالله الحريبي، فقد أضاء على مجموعة من دببة الباندا النادرة والمهدّدة بالانقراض، والتي تعيش بسلام في غابتها، قبل أن تواجه مجموعة من الصيادين الأشرار بقيادة «بروباك» الذي يسعى لبناء أكبر سيرك في الغابة عبر صيد دببة الباندا، لغرض جذب الجمهور، وهو ما تحقّق بالفعل عندما نجح في اصطيادها ووضعها في أقفاص، ولكنها أبت أن تنصاع لأوامره في عروض السيرك.

وهنا سرعان ما تتحالف الحيوانات في ما بينها وتتفق على التخلص من الصياد الشرير بمساعدة النمر «نمّور» ليعم السلام والأمان في أرجاء المكان.

المسرحية، حملت لجمهور الطفل العديد من الرسائل المهمة، أبرزها التعامل برفق مع المخلوقات الأخرى، وعدم مخالفة نظم وقوانين الغابة لأنه يعرّض الجميع للخطر، وفقاً لما تقوله «ماما باندا» لأولادها، الذين يحبون الحياة واللهو والمرح، ولكن كان لـ «باندا بوبا» رأي آخر عندما اصطحبت إخوتها إلى أرض الشمال حيث معقل الأشباح والأشرار.

وقد اعتمدت المسرحية على الاستعراض والغناء من باب الترفيه، وبدا ذلك جلياً مع تفاعل الحاضرين، ممن عبّروا عن تفاعلهم بأسلوبٍ عفوي، بالهتاف والتصفيق، لتختتم الأحداث بدعوة الجميع إلى الفرح والابتسامة في وجه الظروف.

«السينوغرافيا»

ونجح أبطال العرض بإتقان أدوارهم ببراعة كبيرة، وهم: خالد المرزوقي بشخصية «ديمسو» وفيصل موسى «بروباك» ولطيفة جوهر «الباندا ماما» ووعد طارق «الباندا بوبا» وحميد عبدالله «الباندا جيرا»، بالإضافة إلى علي محمد بشخصية «الباندا دوبي» ومحمد زهير «نمّور» وفهد طارق «الباندا تختوخ»، فضلاً عن الصيادَيْن عمار صبحي ويوسف خليل.

أما المخرج الحريبي، فأدار اللعبة المسرحية باحترافية شديدة، في حين جاء النص الذي ألفته سارة القاسمي بالفصحى، بليغاً في الوصف، عميقاً في الطرح، وغزيراً بالمعاني الإنسانية والمفردات الجزلة.

وظهر الديكور بقطع بسيطة ومن دون مبالغة، حيث اقتصر على بعض الشجيرات في دلالة على الغابة، وتسانده شاشة العرض في بعض اللوحات التي تتطلب الانتقال من مكان إلى آخر.

وكذلك بدت الإضاءة التي صمّمها المخرج الحريبي متناغمة مع أجواء السيرك والغابة، في تمازج مبهر كما لو أنها لوحة فنية تأسر الأبصار.

ولعلّ تصميم الاستعراض لمحمد زهير الحلقة الأقوى في عناصر العرض، واتضح ذلك في دقة الإيقاع لفريق العمل، ممن أظهروا مواهبهم والتفاهم الكبير في ما بينهم خلال أداء الحركات والرقصات الصعبة.

بينما عبّرت الأزياء للمصممة ميلانا رسول عن كل شخصية بوضوح وبلا فلسفة زائدة أو تعقيدات، وكذلك الماكياج لمصممه محمد جاسم، حيث أدّى الغرض على أكمل وجه.