كشفت مصادر مطلعة لـ«الراي»، أن بنوكاً طلبت من شركات الصرافة تزويدها بتقرير مفصّل يضم بيانات جميع الحوالات المالية التي تنفذها يومياً لصالح عملائها، ما يعني أنه بات على هذه الشركات توفير بيانات إضافية ضمن قاعدة معلوماتها المقدمة في هذا النطاق، تشمل كشفاً مفصّلاً ببيانات جميع فواتير عملياتها، سواء التي تزيد أو تقلّ عن 3 آلاف دينار، ما دامت تغطية مشترياتها بالدولار تموّل عبر خطوطها المفتوحة مع البنوك لهذا الغرض، فيما لا يتوجب عليها ذلك، في حال قامت بتغطية مبالغ احتياجها من سوق ما بين البنوك، أو ما يعرف بـ «الإنتربنك»، فما الذي تغيّر في العلاقة؟ وما الدافع مصرفياً لزيادة التدقيق في هذا النطاق؟

مبدئياً، قد يكون مفيداً هنا الإشارة إلى أن تحرك البنوك بهذا الاتجاه، يأتي مدفوعاً بالرغبة في استيفاء متطلبات بنك الكويت المركزي، وتحديداً في ما يتعلّق بتوجيه المصارف، للتأكد من أن امتصاص مبيعاتها من الدولار (التي يغطيها) والموجهة لشركات الصرافة، يتم في الغرض المحدد للنشاط المحدد، والمخصص لتغطية عمليات تحويل الأموال، فيما أكد أنه لن يغطي هذه المشتريات إذا استخدمت في أغراض المضاربة أو الاستثمار.

إلزام رقابي

وأوضحت المصادر، أن «المركزي» أفاد البنوك في الوقت نفسه، بأنه يمكنها الاستمرار بشراء الدولار منه، لتغطية تعاملاتها مع جميع عملائها، ومنها شركات الصرافة كما يجري العمل به حالياً دون أي تغيير، لكن عليها أن تتحقق من أن مبالغ الدولار المشتراة منه، موجهة بشكل أساسي لتغطية احتياجات عملائها فقط، موضحاً أن ذلك يشمل عمليات شركات الصرافة، وكذلك معاملات مختلف عملائها من المؤسسات والشركات، التي يتعيّن أن تكون ضمن نشاطها التجاري فقط، وما دون ذلك يتعيّن تغطيته ذاتياً، ويقصد بذلك على الأرجح «الإنتربنك»، والذي يحدّد سعره حسب العرض والطلب، ويكون عادة أعلى من أسعار الدولار المقدم من «المركزي».

وقالت المصادر، إن «المركزي» لم يحدد للبنوك السبل الممكنة التي يتعين عليها اتباعها، للتأكد من أوجه صرف مبيعاتها الدولارية لشركات الصرافة، ما اضطر بعضها إلى التحرك ذاتياً في تحديد آليتها لذلك، ليبرز مع ذلك سيناريو تكبير قاعدة البيانات المقدمة لها، على أن تضم تفصيلاً أوسع لجميع الحوالات المنفذة يومياً، ما دامت مشترياتها تغطى بالدولار، وذلك كإجراء حمائي من مساءلة «المركزي»، الذي سيدقق على دفاتر سيولة المصارف الصادرة للعملاء بالدولار.

وأوضحت، أنه في حال عدم التزام العميل بهذا التوجيه، سيوقف البنك المخاطب خطه المفتوح معه، لتغطية مشترياته بالدولار.

معلومات إضافية

وأشارت المصادر إلى أنه سيتبع ذلك رقابياً، إمكانية طلب «المركزي» معلومات إضافية، عن شريحة مختارة لديه من العملاء، والسؤال عن إجراءات العناية الواجبة التي اتخذتها الشركة بحقهم، في مسعى رقابي لتحديد مدى اتباع الشركة لإجراءات التحقق من هوية العملاء وتقييم مستوى المخاطر المرتبطة بهم، بما يضمن الامتثال للقوانين ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفيما أكدت المصادر، قدرة «المركزي» العالية على توفير أي احتياجات دولارية مطلوبة محلياً من الكيانات أو الأفراد، بيّنت، أن التدقيق الرقابي في هذا الخصوص يأتي في إطار سياسة صرف الدينار، موضحة أن تغطية مشتريات البنوك أو شركات الصرافة من الدولار، لأغراض استثمارية أو تجارية أو مضاربية، يجب أن تكون من الموارد الذاتية للبنك أو الشركة المعنية، سواء من مخزونه لهذه العملة، أو من خلال الشراء، عبر السوق المفتوح أو أي خيار آخر، مع الاستمرار في توفير احتياجات البنوك من العملة الأجنبية، وفقاً للغرض المخصص لها، شأنه في ذلك شأن بقية البنوك المركزية في المنطقة، التي تنتهج سعر صرف مثبتاً مع عملة أخرى.

ولفتت المصادر، إلى أن «المركزي» ينتهج سياسة صرف للدينار، تهدف إلى المحافظة على الاستقرار النسبي لسعره مقابل العملات الأخرى، موضحة أنه طبقاً لهذه السياسة يحدد سعر صرف الدينار، بناء على سلة خاصة، مرجحة من عملات الدول، التي ترتبط بعلاقات تجارية ومالية مهمة مع الكويت.

على صعيد متصل، قالت المصادر، إن المعلومات الإضافية التي يطلب «المركزي» من جميع الوحدات الخاضعة لرقابته منذ فترة، إدراجها ضمن قاعدة بياناتها، تأتي ضمن تحرّك أوسع يقوده مع الجهات الرقابية نحو استكمال متطلبات التقييم الدولي المتبادل الذي تخضع له الكويت من فرق مجموعة العمل المالي «فاتف»،على القطاعات المالية المحلية، بهدف تقييم التزامها الفني بالإطار القانوني والأنظمة والتعليمات، وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

إجراءات إصلاحية

وبيّنت المصادر، أنه مع اقتراب موعد رفع الكويت التقرير النهائي، بخصوص إجراءاتها الإصلاحية المتخذة إلى «فاتف» والمرتقب في نوفمبر المقبل، تمهيداً لعقد الجولة الثانية من التقييم المخطط في فبراير 2026، يسرّع «المركزي» مع الجهات الرقابية المعنية تطبيق إصلاحات إجرائية ومؤسساتية صارمة، بغرض رفع المصدات الإصلاحية والحمائية، الموجهة لسدّ الثغرات النظامية التي قد تُضعف الاقتصاد، خصوصاً في ما يتعلق بكشف المستفيدين الحقيقيين من التحويلات المالية.