أكد سفير جمهورية إثيوبيا لدى البلاد، الدكتور سعيد جبريل، أن الكويت تلعب دوراً إستراتيجياً في دعم التنمية بالقارة الأفريقية، سواء عبر التعاون الثنائي أو من خلال مؤسساتها التنموية وفي مقدمتها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.

وقال السفير جبريل، في حوار خاص مع «الراي»، إن الكويت، موّلت لعقود طويلة، مشاريع حيوية في مجالات الطاقة والزراعة والنقل والمياه في أفريقيا، ما جعلها شريكاً فاعلاً في مسيرة النهضة الأفريقية.

وأضاف أن هذا الالتزام ينبع من إدراك الكويت للإمكانات الاقتصادية الهائلة للقارة، وسكانها الشباب، وأهميتها في معادلات الغذاء والطاقة العالمية.

وأشار إلى أن مشاركة الكويت في أفريقيا ليست مجرد بادرة تضامن، بل خطوة إستراتيجية لتنويع شراكاتها وتأمين مصالح طويلة الأمد في مجالات مثل الزراعة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية.

إصلاحات

وأوضح السفير جبريل، أن إثيوبيا تبرز كواحدة من أكثر الوجهات جذباً للمستثمرين الكويتيين، بفضل تعدادها السكاني الذي يزيد على 120 مليون نسمة، وتوسعها الحضري المتسارع، إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية المستمرة.

وقال إن بلاده تُوفر فرصاً استثمارية قيّمة في قطاعات متعددة، من الزراعة والتصنيع الزراعي إلى الطاقة المتجددة والعقارات والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن «أراضينا الخصبة، ومواردنا المائية الوفيرة، ومناخنا المواتي تجعل بلادنا خياراً مثالياً للمشاريع الزراعية واسعة النطاق».

وأضاف أن اندماج إثيوبيا في مشاريع التكامل الإقليمي، مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، يمنح المستثمرين الكويتيين فرصة للوصول إلى سوق أوسع يتجاوز الحدود الوطنية.

ولفت إلى أن إثيوبيا قادرة على أن تكون شريكاً إستراتيجياً للكويت في دعم أجندتها الخاصة بالأمن الغذائي، في ظل محدودية القدرة الزراعية المحلية واعتماد الكويت على الواردات.

وأوضح: «يمكن للاستثمار الكويتي في القطاع الزراعي الإثيوبي أن يؤسس سلاسل توريد غذائية مستقرة ومباشرة إلى السوق الكويتية، بما يحميها من تقلبات الأسواق العالمية، وفي المقابل يسهم في تنمية الاقتصاد الإثيوبي عبر تطوير البنية التحتية، وتبادل التكنولوجيا، وتوفير فرص العمل».

وتابع: «رسالتي للمستثمرين الكويتيين واضحة: إثيوبيا بلد مليء بالفرص والمرونة والإمكانات، وموقعها الإستراتيجي يجعلها بوابة لأسواق أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. الآن هو الوقت المناسب لتعميق الحضور الكويتي في إثيوبيا».

إمكانات

وقال السفير جبريل، إن لدى إثيوبيا إمكانات متنامية على الصعيدين الأفريقي والدولي، مشيراً إلى أن العاصمة أديس أبابا ستستضيف القمة الأفريقية الثانية للمناخ خلال الفترة من 8 إلى 10 الجاري.

وأوضح أن هذه القمة تمثل محطة محورية في مسيرة القارة نحو عمل مناخي عادل، حيث تسعى إثيوبيا إلى تقديم «حلول أفريقية المنشأ»، توازن بين التنمية المستدامة وبناء اقتصاد أخضر قادر على الصمود أمام التغيرات المناخية.

وأكد أن بلاده لا تستضيف القمة لمجرد توفير المكان، بل لتأكيد ريادتها القارية في العمل المناخي، حيث تقدم نموذجاً عملياً عبر مبادرات مثل «الإرث الأخضر»، التي تهدف إلى زراعة 50 مليار شجرة خلال الأعوام المقبلة لتأمين مستقبل مستدام وتعزيز الأمنين الغذائي والمائي.

وأضاف أن القمة ستُشكل منصة لإبراز التكنولوجيا المحلية والحلول الابتكارية في مجالات التكيف مع المناخ والنمو الأخضر، وإصلاح تمويل المناخ، مع ضمان مشاركة الشباب والمجتمع المدني والفئات المهمشة.

وحول المخرجات المتوقعة، أوضح السفير جبريل، أن بلاده تسعى إلى دفع النقاش الأفريقي من مرحلة الطموحات إلى مرحلة التنفيذ العملي، عبر تعزيز الشراكات وتعبئة التمويل، ولفت إلى أن ذلك ينسجم مع رؤية إثيوبيا 2050، الهادفة إلى اقتصاد أخضر محايد كربونياً، من خلال التوسع في الطاقة المتجددة والتحول العمراني المستدام.

قلب الدبلوماسية

وأكد السفير، أن إثيوبيا تطرح نفسها كقلب للدبلوماسية المناخية الأفريقية من خلال التعاون مع الاتحاد الأفريقي لتوحيد الموقف الأفريقي في المفاوضات الدولية، تمهيداً لمؤتمر الأطراف. وأوضح أن أهداف بلاده تشمل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 64% بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.

«الإرث الأخضر»... حركة وطنية

استعرض السفير جبريل، الإنجازات التي حققتها مبادرة الإرث الأخضر، مؤكداً أنها تحولت إلى حركة وطنية بمشاركة نحو 27 مليون مواطن في يوم واحد، حيث تمت زراعة 714 مليون شتلة في 12 ساعة فقط خلال يوليو الماضي.

وأوضح أن المبادرة أسهمت في رفع نسبة الغطاء الحرجي من 17 في المئة عام 2019 إلى نحو 24 في المئة عام 2023، فضلاً عن توفير أكثر من 767 ألف وظيفة خضراء.

ولفت إلى أن المبادرة تتجاوز البعد البيئي لتشمل الأمن الغذائي من خلال زراعة الأشجار المثمرة، وتوفير مصادر دخل جديدة للأسر، إلى جانب تعزيز التعاون الإقليمي عبر ما يُعرف بـ«الأخوّة الخضراء» بتقديم شتلات لدول الجوار.

تحديات وحلول

لم يخف السفير جبريل، وجود تحديات، مثل نقص التمويل وصعوبة توفير شتلات عالية الجودة لمبادرة الإرث الأخضر، لكنه شدّد على أن الحكومة الإثيوبية حوّلت المبادرة إلى مسؤولية وطنية جماعية، ودمجتها مع برامج الحفاظ على التربة والمياه، معزّزة الإطار القانوني والمؤسسي لضمان استدامتها. كما أشار إلى الدعم الدولي الذي تلقته المبادرة عبر التمويل والتعاون الفني.