أشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى تقلب الأسواق العالمية أسبوعاً آخر، لكنها أبدت مرونة بدعم من التطورات التجارية البارزة وتباين البيانات الاقتصادية، إلى جانب اتباع البنوك المركزية لنهج حذر. وسجلت أسواق الأسهم مستويات قياسية جديدة مطلع الأسبوع، بدعم من الأرباح القوية التي أعلنت عنها أسهم قطاع التكنولوجيا، والتفاؤل تجاه اتفاقية الرسوم الجمركية الجديدة بين الولايات المتحدة واليابان. وفي أسواق السلع، ظلت أسعار النفط واقعة تحت الضغوط في ظل توقعات باستقرار الإمدادات، بينما حافظ الذهب على استقراره مع موازنة المستثمرين بين الإقبال على المخاطر واستمرار التوترات الجيوسياسية.
الولايات المتحدة
واستعرض التقرير الاتفاق التجاري الأميركي مع اليابان، ويقضي بخفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات اليابانية من 25 في المئة إلى 15 في المئة، مع تجنب فرض رسوم جديدة على سلع يابانية أخرى.
وفي المقابل، التزمت طوكيو بضخ استثمارات وتقديم قروض بقيمة 550 مليار دولار تتركز في السوق الأميركية، في واحدة من أضخم الصفقات التجارية التي أبرمتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ فرض الرسوم الجمركية العالمية في أبريل.
وتوفر الصفقة دفعة قوية لصناعة السيارات اليابانية، التي تمثل أكثر من ربع صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة. ففي العام 2024، استوردت واشنطن سيارات وقطع الغيار يابانية بقيمة تتخطى أكثر من 55 مليار دولار، مقابل صادرات أميركية لا تتجاوز المليارين إلى السوق اليابانية.
وبلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية نحو 230 مليار دولار، مع تخطي الفائض التجاري لصالح اليابان أكثر من 70 ملياراً.
كما شمل الاتفاق تخفيض رسوم جمركية كانت مقررة على سلع يابانية إضافية، بدءاً من الأول من أغسطس.
ووصف ترامب الصفقة بأنها «أكبر اتفاق تجاري في التاريخ». ورحب المسؤولون اليابانيون بالاتفاق، مؤكدين أنه يجنب بلادهم الرسوم المرتفعة.
ولاقت الصفقة ترحيباً في الأسواق يوم الإثنين، إذ قفز مؤشر نيكاي بأكثر من 3 في المئة مسجلاً أعلى مستوياته خلال عام، فيما ارتفعت أسهم شركات السيارات، مع صعود سهم تويوتا 14 في المئة وهوندا بنحو 12 في المئة.
سعر الفائدة
وعلى صعيد آخر، لفت التقرير إلى انتقادات ترامب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، متهماً إياه بالإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة، مشيراً إلى أن «الناس غير قادرين على شراء منزل»، مضيفاً أن «باول ربما يفعل ذلك لأسباب سياسية». ورغم التصريحات، إلا أن التوقعات تشير إلى أن «الفيدرالي» سيبقي على أسعار الفائدة دون تغيير ضمن النطاق الحالي البالغ 4.25 في المئة إلى 4.50 في المئة في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل.
تقلبات السوق
كما تناول التقرير ما أثارته تصريحات ترامب بشكل مباشر في معنويات السوق بمختلف قطاعاته. ففي 23 يوليو، صعد ترامب لهجته خلال قمة الذكاء الاصطناعي، موجهاً انتقادات علنية إلى شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت، داعياً إياها إلى وقف التوظيف في الخارج ومنح الأولوية للموظفين الأميركيين. كما ربطت إدارته العقود الفيدرالية باعتماد أنظمة ذكاء اصطناعي «موضوعية»، ضمن سياسة إدارته لمناهضة (anti-woke) في إشارة إلى توجهات أيديولوجية جديدة قد تؤثر على آليات العمل في قطاع التكنولوجيا.
واعتبر التقرير أن التصعيد تجاه الشركات متعددة الجنسيات، مقروناً بتوجه «أميركا أولاً» في قطاع التكنولوجيا، يهدد بإعادة رسم ملامح القطاع، مع ما قد يترتب عليه من تأثيرات محتملة على تقييم الشركات ذات القواعد التشغيلية العالمية أو الارتباط الوثيق بالعقود الحكومية.
وأشار الوطني إلى اليوم التالي، 24 يوليو، حيث أثار ترامب جدلاً جديداً خلال زيارة نادرة إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ومارسته ضغوطاً علنية على رئيس المجلس جيروم باول لخفض أسعار الفائدة، بلغت المواجهة حد التراشق في شأن تكاليف تجديد مقر الفيدرالي.
ويخلص التقرير إلى عدم إشارة التوقعات إلى تحرك وشيك في السياسة النقدية، إلا أن المواجهة سلطت الضوء على التوتر القائم بين البيت الأبيض والفيدرالي، ما أثار شكوكاً حول استقلالية البنك المركزي وأعاد إلى الواجهة إمكانية مواجهة أسواق العملات والأسهم لتقلبات حادة. ورغم المناخ المشحون، إلا أن مؤشري ناسداك وستاندرد آند بورز 500 أنهت تداولات الأسبوع عند مستويات قياسية.