في عالم تتعاظم فيه التحديات وتتسارع التغيرات، تبرز المرأة الدبلوماسية كصوتٍ للحوار والتجربة والحكمة، وجسرٍ للتفاهم، وأداةٍ فعالة لصناعة السلام وتعزيز التنمية. وفي هذه السلسلة من الحوارات الخاصة، نسلّط الضوء على تجارب سفيرات ودبلوماسيات يمثلن بلدانهن في الكويت، حيث كشفن لـ«الراي» عن القصص الملهمة التي تقف خلف المواقف الرسمية، والأدوار الفاعلة التي تؤديها النساء في صياغة السياسات الخارجية، وبناء الجسور بين الشعوب، والدفاع عن قضايا أوطانهن. من التحديات إلى النجاحات، ومن البرلمان إلى السفارات، تروي لنا هؤلاء السيدات مسيرة مليئة بالإصرار، والانتماء، والرؤية.

بناء بالتعليم

قالت سفيرة سيراليون، حاجة إشاتة توماس، إن «الدافع وراء تعييني سفيرة لجمهورية سيراليون لدى دولة الكويت، كان رغبتي العميقة في خدمة وطني عبر التعليم وبناء قدرات القادة الحاليين والمستقبليين».

وأضافت، في حديثها لـ«الراي»، أنها كرّست 40 عاماً من حياتها المهنية في مجال التعليم كمعلمة ومحاضرة وإدارية، ولعبت دوراً محورياً كناشطة ومرشدة ونموذج يُحتذى به، لا سيما في دعم تعليم الفتيات.

ولفتت إلى أن «العديد ممن تأثرت حياتهم بتجربتي، يشغلون مناصب عليا في السياسة وقطاعات أخرى، وبفضل توصياتهم وتقديراً لخدمتي الطويلة، تفضّل رئيس سيراليون، الدكتور جوليوس مادا بيو، بتعييني سفيرة لدى الكويت، مع اعتماد إضافي لدى البحرين والأردن».

تحديات وفرص

وبسؤالها عن التحديات التي واجهتها كسيدة في المجال الدبلوماسي، وكيف تغلبت عليها، قالت إشاتة توماس: «لكل مسار مهني تحدياته وفرصه، وكامرأة دبلوماسية فقد كانت التحديات التي واجهتها شخصية، في الغالب، أكثر منها سياسية، كالابتعاد عن الوطن، والتأقلم مع عادات مختلفة، والتكيف مع بيئات جديدة».

وأردفت: «لكن هذه التجارب منحتني مرونة في التأقلم السريع، وبناء الثقة داخل مجتمعات متنوعة».

وبخصوص تعيينها سفيرة لبلادها في الكويت، قالت: «كوني أول سفيرة أفريقية في الكويت، كان أمراً مهيباً في البداية. على سبيل المثال، كان حضور الدواوين الكويتية، كتقليد اجتماعي يغلب عليه الطابع الذكوري، يشكل تحدياً واضحاً، من الطبيعي أن تشعر المرأة فيه بعدم الانتماء، إلا أن هذه الدواوين أصبحت مع الوقت أكثر انفتاحاً، ترحب بالتعدد الثقافي والجندري، وتشجع الحوار البنّاء. ومع ازدياد مشاركة النساء، أصبحت أستمتع فعلاً بحضورها».

التعايش السلمي

وعمّا إذا كانت هناك لحظة شعرت فيها بأنها أحدثت أثراً حقيقياً في عملها الدبلوماسي، قالت إشاتة توماس: «شعرت بقدر كبير من الرضا عندما زارت وزيرة خارجية سيراليون، نابيلا ف. تونس، الكويت عام 2019، وذلك في عامي الأول بالخدمة الدبلوماسية، وأسفرت هذه الزيارة عن اجتماعات رفيعة المستوى وتوقيع اتفاقيات عديدة، ستسهم عند تنفيذها في تعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا الصديقين».

وقالت عن الصفات القيادية التي ترى أنها ضرورية للنجاح في هذا المجال: «أؤمن بأن التعايش السلمي في بيئة العمل يثمر نتائج أقوى. ومن واقع تجربتي، وجدت أن القوة الحقيقية في القيادة تكمن في الرحمة، والتشاور، والتفويض، والنزاهة، وقبل كل شيء: وضوح الهدف والشعور العميق بالمسؤولية». أما النصيحة التي تقدمها للراغبات في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، فهي: «استثمرن في بناء الذات، ليس من الناحية الأكاديمية فقط، بل كذلك في بناء الشخصية. وكُنّ متواضعات، صبورات، حاضرات، مركزات، وتعاملن بجد».