أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باعتقال آلاف الفلسطينيين من غزة وتصويرهم عراة، بزعم التحقق من عدم حيازتهم متفجرات، نافياً في الوقت ذاته وجود سياسة ممنهجة لتجويع السكان، بينما وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، القطاع بأنه «أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض»، محذراً من أن الوقت ينفد بسرعة كبيرة «والأرواح تزهق كل ساعة».

وقال نتنياهو أمام «المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية»، مساء الثلاثاء، «نأخذ آلاف الأسرى ونصورهم ونطلب منهم خلع قمصانهم للتأكد من عدم وجود أحزمة ناسفة. آلاف وآلاف من الأسرى يخلعون قمصانهم، ولا ترى أي واحد منهم هزيلاً، بل ترون العكس تماماً».

ورغم مشاهد الانهيار الإنساني والمجاعة التي وثقتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وسط مطالبات دولية بوقف المجازر، واصل نتنياهو إنكار الوقائع، قائلاً «الكذبة هي أننا نتبع سياسة تجويع في غزة».

وأمس، وخلال في الجلسة العامة للكنيست، قال نتنياهو «خلال 600 يوم... غيّرنا فعلياً وجه الشرق الأوسط... وبقوة دخلنا قطاع غزة وقضينا على عشرات الآلاف من المقاتلين، وعلى محمد السنوار».

«فوضى» المساعدات

وفي خطوة بديلة عن المعابر الإنسانية التي تغلقها منذ أشهر، بدأت إسرائيل الثلاثاء، توزيع مساعدات «محدودة» عبر ما تُسمى «مناطق عازلة» جنوب غزة، بالتنسيق مع «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة أميركياً وإسرائيلياً، ومرفوضة أممياً.

غير أن العملية قوبلت بالفوضى، إذ اقتحم آلاف الفلسطينيين الجائعين مركز توزيع المساعدات، ما دفع جيش الاحتلال إلى إطلاق النار عليهم، ما أدى إلى سقوط شهداء وعشرات الجرحى.

وقال مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية أجيت سونغهاي للصحافيين في جنيف، إن «نحو 47 شخصاً أصيبوا بجروح»، و«معظم الإصابات كانت نتيجة إطلاق نار مصدره الجيش الإسرائيلي».

وأمس، أعلنت «مؤسسة غزة الإنسانية» توقف توزيع المساعدات موقتاً.

وأعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني، «رأينا صوراً صادمة لأشخاص جياع يتدافعون على السياج وهم في حاجة ماسة للغذاء. كان الوضع فوضوياً ومهيناً وغير آمن».

واعتبر أن الهدف من نظام توزيع المساعدات الجديد «صرف الانتباه عن الفظائع».

وفي السياق، نقل موقع «أخبار الأمم المتحدة» عن الناطق باسم المكتب يانس لاركيه «يمكننا إدخال المساعدات فوراً، وعلى نطاق واسع، ما دام كان ذلك ضرورياً»، مؤكداً أن الأمم المتحدة لديها كل ما تحتاجه داخل غزة لإيصال المساعدات إلى المدنيين بأمان.

وفي وقت سابق أمس، أعلنت وزارة الصحة في غزة إن 60 طفلاً بالقطاع توفوا جراء سوء التغذية منذ السابع من أكتوبر 2023، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 54 ألفاً حتى الآن.

«لا أمل»

وأمام مجلس الأمن، عدّت موفدة الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط سيغريد كاغ أمام مجلس الأمن، أن فلسطينيي غزة الذين ينزلقون أكثر فأكثر «إلى الهاوية»، يستحقون «أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة».

وقالت كاغ إن «مدنيي غزة فقدوا أي أمل... الموت هو رفيقهم. لا الحياة ولا الأمل».

وتابعت «يجب ألا نعتاد على عدد القتلى والجرحى. نتحدث عن فتيات وأمهات وأطفال صغار تحطمت حياتهم. لديهم أسماء وكان لديهم مستقبل وأحلام وطموحات».

ميدانياً، وفي فجر اليوم الـ 72 لاستئناف «حرب الإبادة» على غزة، أوقعت غارات جديدة ما لا يقل عن 56 شهيداً، بعد أن شهد يوم الثلاثاء، سقوط أكثر من 30 شهيداً.

اتفاق... لا اتفاق

تفاوضياً، أعرب الموفد الأميركي ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن التوصل لوقف موقت للنار.

كما أعلنت حركة «حماس»، التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف «على إطار عام يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة، وتدفق المساعدات، وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق».

في المقابل، قال مصدر إسرائيلي إن الحركة «تواصل حملتها الدعائية وحربها النفسية».

ومساء، قال الرئيس دونالد ترامب إن إدارته تعمل على تسريع توصيل المواد الغذائية للفلسطينيين في غزة.

وأضاف للصحافيين «نتعامل مع الوضع برمته في غزة، نوصل الغذاء للسكان، الوضع سيء للغاية».

اعتراف متبادل

وفي جاكرتا، دعت فرنسا وإندونيسيا، إلى إحراز تقدّم نحو «الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين» خلال مؤتمر دولي يُعقد الشهر المقبل لإحياء فكرة حل الدولتين، أثناء زيارة يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى جاكرتا التي يرغب في ضمها بصفتها، أكبر دولة ذات غالبية مسلمة، إلى جهوده الدبلوماسية.

وقال الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو خلال مؤتمر صحافي مشترك «أعلنت إندونيسيا أنه فور اعتراف إسرائيل بفلسطين، ستكون مستعدة للاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها».

وفي روما، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، إن الهجوم المستمر على غزة «أصبح غير مقبول ويجب أن يتوقف على الفور»، مُحذراً من أي خطوة لتهجير السكان قسراً.