من كلماته المأثورة التي كان يرددها دائماً «الله الله بالوطن». هكذا كان الفريق محمود الطباخ، إنساناً مُخلصاً، مُحبّاً لوطنه وشعبه وقيادته، عمل بوفاء، ورحل بصفاء.

جمعني تاريخ جميل مع «بو حسين» وإخوته الأعزاء جليل وأحمد وعلي، منذ عقود طويلة، أُسرة وديعة لم نعرف منهم إلّا الود والمحبة والوفاء. ومن تلك الشجرة الكريمة جاء الفريق محمود الطباخ، عسكريّاً محترفاً منضبطاً، وفي الوقت نفسه إنساناً ودوداً عطوفاً، حسن المعشر.

لقد جمع في شخصيته بين الصرامة والحدة كعسكري في مهنته مثابراً لا يغمض له طرف، وبين اللين والرحمة خارج نطاق عمله، حيث كان شغوفاً بذكر الله، مُكثراً من الدعاء للناس.

بوحسين شخص متميز في بريق عينيه فهو حدج النظر مع المخالفين والمجرمين بيد أنه صاحب نظرة ذي علق مع المحبين، قد استطاع من يراكم تلك الأوصاف بخُلقه الرفيع التي تواضع بها إلى الله فرفعه.

ومن أبرز سجاياه مساعدة الناس دون تململ أو كلل، فقد نشأ على تقديم العون بإخلاص ومكابدة، لا لمجاملة، ولا رفعاً للعتب. لم تنقطع رسائله الصباحية، ولا تهانيه في أيام الجُمع والمناسبات الدينية والوطنية، حتى في أشدّ أيام مرضه ومعاناته كان يحرص على المراسلة العفوية.

لقد كان اجتماعياً، لم يمنعه الألم من وصال الناس؛ إذ اجتمعت به ذات مرة، وقد بدا عليه التعب، في ديوان جابر، حين لبّى دعوة غبقة رمضانية، وكان يسلّم على الناس وكأنه في أتمّ عافيته، متألقاً بابتسامة مرسومة على محيّاه وقد أخفت خلفها آلام المرض، وتواضعت أمامها مظاهر الوهن.

وبعد تقاعده، لم ينقطع عن حب الخير، ما استطاع إليه سبيلاً. وفي اتصالاتي به، لم ألمس منه إلا التفاؤل، والقول الحسن، والنية الصافية، والنصح السديد والعون المديد.

الفريق محمود الطباخ، رجل فاضت به معاني الرجولة في حياته؛ لم يخنع لخوف، ولم يدّخر جلداً، ولم يكبت سجاحته وسماحته، ومهما سطّر القلم من كلمات وصفه، فلن نوفّيه حقّه ومراتبه وما يستحقه. رحمه الله برحمته التي وسعت كل شيء، وخضع لها كل شيء، وذلّ لها كل شيء.

لقد فقدت الكويت أحد أبنائها المخلصين، ممّن بذلوا أقصى جهدهم في خدمتها وشعبها وتحت علمها. رحمك الله يا بوحسين، أيها الصديق الودود الحميم، وعظّم الله لنا ولأهلك الكرام الأجر. نسأل الله أن يجعل مثواك الجنة، وأن يُلهم ذويك ومحبيك الصبر والسلوان.

إنه سميع مجيب، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.