‏«نحن مستعدون للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن التعريفات الجمركية».

رئيسة الاتحاد الأوروبي فون دير لاين

لاشك بأن العالم أجمع تضرّر من الرسوم التي فرضها الرئيس الأميركي ترامب على دول العالم، وما خسرته أميركا في أيام يفوق تحصيل الرسوم الجمركية التي أقرّتها على الدول لعشرات السنين!، والنفط كذلك لم يكن ببعيد من هذه الجائحة حيث واصلت أسعار النفط خسائرها لتسجل أدنى مستوى لها منذ أبريل من عام 2021، وشركات عالمية عملاقة تأثرت لأدنى مستوى لها منذ أكثر من سنوات مثل شركة أبل، فقدت نحو 640 مليار دولار من قيمتها السوقية مع تراجع أسهمها 19 % خلال 3 أيام بعد تعرضها لعمليات بيع مكثفة، بسبب تزايد المخاوف من تضرر الشركة.

وذكر مدير المجلس الاقتصادي القومي الأميركي كيفن هاسيت لشبكة (إيه.بي.سي نيوز) إن أكثر من 50 دولة تواصلت مع البيت الأبيض لبدء مفاوضات تجارية. ونفى هاسيت، وهو أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاقتصاديين، أن تكون الرسوم الجمركية جزءاً من إستراتيجية الرئيس لإحداث هزة في الأسواق المالية مما يؤدي إلى الضغط على مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لخفض أسعار الفائدة، وقال إنه لن تتم ممارسة أي «إكراه سياسي» على البنك المركزي.

وللعلم هذه ليست أول أو آخر أزمة نمرّ بها وتتأثر أسعار النفط، فهناك العديد من الأزمات على مر التاريخ البعيد والقريب التي مرت علينا... ثم عدت، ففي الفترة من عام 1948، وحتى نهاية الستينات كان سعر البرميل 3 دولارات فقط!، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974، أربع مرات متجاوزاً 12 دولاراً للبرميل، واستقرت أسعار النفط العالمية خلال عام 1974 وحتى 1978، ما بين 12 و13 دولاراً للبرميل، وبسبب الحرب العراقية - الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي عام 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً للبرميل، وعام 2005 وصلت الأسعار إلى 78 دولاراً للبرميل، بعد ذلك شاهدنا الأسعار القياسية التي تجاوزت 100 دولار للبرميل ثم النزول، والآن يتم تداول سعر البرميل بأقل من ذلك بكثير. ولكن الشاهد من كل هذه الأحداث ما هو تأثير تذبذب الأسعار علينا، هل قمنا بإصلاحات اقتصادية حقيقية مثل باقي دول العالم.

ومن المواقف التي تستحق الإشادة ما قال به رئيس وزراء سنغافورة حيث وجه خطاباً صريحاً إلى مواطنيه وحذرهم من تداعيات الاضطرابات العالمية، بعد قرارات الرئيس «ترامب» بفرض رسوم جمركية جديدة على دول العالم، وقال في خطابه أن الاستقرار العالمي لم يعد مضموناً نتيجة التحولات الحادة في المشهد العالمي، ورسوم الرئيس ترامب أشعلت شرارة حرب تجارية، والاقتصادات الصغيرة في وضع حرج حيث النظام العالمي الحالي لا يخدم الدول الصغيرة المفتوحة اقتصادياً مثل سنغافورة، مما يضعها في مواقف غير مواتية، وتآكل القواعد الدولية والنظام العالمي في إشارة إلى ضعف وتراجع المؤسسات والقوانين الدولية التي لطالما كانت ملاذاً للدول الصغرى، والاستعداد النفسي مطلوب ودعا المواطنين إلى عدم الركون للطمأنينة، بل التحلّي باليقظة والاستعداد الذهني لمزيد من الصدمات، وأن الوحدة والصمود هي طريق النجاة، ودعا مواطنيه لليقظة والتخطيط الحكيم، وختم خطابه بالتشديد على أهمية الإدراك الجماعي للتغيرات، وضرورة التخطيط بواقعية لمواجهة ما هو قادم.

الخلاصة: هناك ثلاثة سيناريوهات في قضية الرسوم الجمركية، الأول التراجع عنها، الثاني الجلوس على الطاولة والتفاوض مع دول العالم، الثالث الاستمرار بغض النظر عن النتائج. السيناريو الثالث جداً صعب وكلفة عالية على الحكومة والشركات والمواطن الأميركي، يبقى السيناريو الأول والثاني والأخير أقرب... والله أعلم.