يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع إدارته الجديدة على ترحيل المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة الأميركية بطريقة ملتوية وغير قانونية، وكان هذا القرار الرئاسي أحد أبرز التعهدات التي أطلقها ترامب خلال حملته الرئاسية الأخيرة، وبناءً على أوامره الرئاسية قامت إدارته الجديدة بتسريع وتيرة عملية الترحيل الجماعي على فترات متقاربة وهي بمثابة أكبر عملية ترحيل جماعي لهم في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، والسؤال الذي نود أن نطرحه هنا: مَن هم هؤلاء المهاجرون وما جنسياتهم، وكيف استطاع هؤلاء من دخول الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير قانونية؟!
استناداً إلى شعار دونالد ترامب الانتخابي تحت مسمى «Lets make America greatagain» يريد ترامب أن يبعد المهاجرين من جميع الجنسيات عن الولايات المتحدة الأميركية بالرغم من عنصرية هذه القضية، إلا أن من الملاحظ أن هناك الكثير من الأميركيين يؤيدون هذا التوجه بشكل كبير، ربما بسبب وجود ملايين من المهجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة الأميركية وأغلبهم من المكسيك وهاييتي وغواتيمالا ومن أميركا الجنوبية، إضافة إلى المئات من المهاجرين العرب والمسلمين، فهؤلاء جميعاً سيتم تهجيرهم قسراً وأعدادهم هائلة لمخالفتهم قانون الإقامة الأميركية، ويقال إن أعدادهم ما تقارب الـ 20 إلى 30 مليون مهاجر غير شرعي.
لعل الكثير منا لا يعلم عن «السوق السوداء» وطريقة تعامل أفرادها مع المهاجرين، فهؤلاء الملقبون بالدولة العميقة يعملون كالمافيا من خلال جلبهم أعداداً ضخمة من المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير شرعية مقابل تسلم مئات الدولارات «كاش» وهو ما يسمى العمل تحت الطاولة بعيداً عن النظام الأميركي المتبع لدى الحكومة، وبالتالي نحن نتحدث عن 30 مليون مهاجر يعملون في الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير نظامية وسيتم ترحيلهم تدريجياً من خلال عمليات الاعتقال الواسعة في كل مكان بالولايات المتحدة بما في ذلك المدارس والجامعات والكنائس والشركات والمحلات التجارية (السوبر ماركت) والمعاهد الصحية والمستشفيات وغيرها، ما يعني أن عمليات المداهمة والتفتيش في هذه الأماكن ستكون يومياً وعلى مدار الساعة! بينما هناك أوساط قريبة من هذا الشأن تفيد بأن قرار ترحيلهم بهذه الأعداد المهولة حتما سيتسبّب بأزمة اقتصادية مقبلة للولايات المتحدة الاميركية خصوصاً مع الأزمات الداخلية الموجودة، كأزمة ارتفاع السلع الغذائية والاستهلاكية التي تتحكم بها الضرائب من كل جانب، وبالتالي حتماً ستكون هناك فجوة كبيرة تقلق سوق العمل في حال طردهم إلى خارج الولايات المتحدة الأميركية.
وفي الوقت نفسه، ذكرت مؤسسة اقتصادية أميركية أن معظم هؤلاء المهاجرين هم عمال بناء وعمال نظافة وعمال أسواق، فكيف يبعدونهم عن البلاد وهم يساهمون في بناء البلاد، ونجد عدداً كبيراً منهم يعملون في قطاع المطاعم والمحلات التجارية والأسواق وفي محطات البنزين والغسيل وغيرها من أعمال بسيطة، وبالتالي كيف يتم ترحيلهم قسراً وهم قوة عاملة تساعد على قوة الاقتصاد الأميركي، فهؤلاء المهاجرون غير الشرعيين يعملون ليل نهار بأرخص الأجور كونهم عمالة خارجة عن قانون العمل والإقامة.
وقد تواجه الولايات المتحدة الأميركية بأزمة اجتماعية أخرى نتيجة بقاء المهاجرين والعيش في الولايات المتحدة الاميركية لسنوات طويلة تم من خلالها زواجهم من أُسر أميركية ولديهم الآن أطفال يعتبرونهم مواطنين أميركيين، وبالتالي كيف سيتم ترحيلهم قسراً بعد هذه السنوات؟ بالطبع، فإنّ ترحيلهم سيوجد فراغاً اجتماعياً وأزمة نفسية في حال قيام الحكومة بتشتيت عائلة وأفرادها ليس لهم مكان آخر، ونحن اليوم نتحدث عن مشروع جديد سيكلف الدولة ملايين الدولارات من خزينة الدولة وسط عجز متراكم في الميزانية العامة للدولة!
وبالتالي، يعتبر خيار ترامب خياراً صعباً في حال الاستمرار في تطبيقه بشكل كامل لأن عدد المهاجرين غير الشرعيين ليس سهلاً عندما يبلغ عددهم أكثر من ثلاثين مليون مهاجر مع قرار إلغاء برامج الهجرة واللجوء والحماية من الملف الأمني الداخلي.
نشاهد اليوم مناورات الجيش الأميركي في شأن الترحيل الجبري، وقد بدأ فعلياً بشن الحرب على المهاجرين غير النظاميين ومن بينهم العاطلون عن العمل والمجرمون أصحاب السوابق والمخدرات، وبدء العمل على ترحيلهم بطائرات عسكرية في مراحل موقتة توقيتاً دقيقاً حسب الخطة التي رسمها ترامب منذ دخوله إلى البيت الأبيض مع فريقه الجديد، ولكن يبقى السؤال هنا: هل ستوافق الدول الأخرى في السماح للطائرات العسكرية الأميركية التي تقل العشرات من المهجرين بالهبوط على أراضيها بعد أن رفضتها المكسيك، أم سنعيش أمام أزمة جديدة؟!
ولكل حادث حديث،،،
alifairouz1961@outlook.com