مقبرة الصالحية، تم افتتاحها عام 1896م وأغلقت عام 1960م وفيها مرقد الشيخ الأمير الراحل أحمد الجابر، طيّب الله روحه بطيب الجنان ورضا الرحمن، وعلى يمين القبر قبر الشيخة الراحلة عائشة المبارك الصباح، رحمها الله، وقريب منهما قبر نقيب أشراف البصرة سيد رجب النقيب، رحمه الله، وهو من علماء الكويت وهو والد طالب باشا النقيب، الذي كانت له علاقات طيبة مع الكويت وأهلها، كما تضم هذه المقبرة قبر العم عبدالله بن بحر، صاحب أقدم مسجد في الكويت 1745م، ويطلق عليه مسجد الإبراهيم أيضاً ويقع مقابل قصر السيف بالقرب من موقع مسجد الدولة الكبير حالياً والفرضة القديمة.

كما تضم المقبرة نخبة من رجال الرعيل الأول الذين كابدوا شظف العيش واختلاف الظروف وقلة ذات اليد فكشفت عن أصالة معدنهم، فقد عاشوا في السّراء والضّراء أُسرة واحدة متحابين متكاتفين يفزع بعضهم لبعض في الشدائد والملمات، ومن بين قبور رجالات الكويت قبر جدي، سالم بن عبدالله بن سالم المناصير، ويقع في آخر المقبرة جهة اليسار وأنت داخل من الباب الرئيسي... تجولت داخل المقبرة بعد التنسيق مع إدارة الوفيات بوزارة الأوقاف بقصد الزيارة والدعاء لأموات المسلمين لأنهم ينتفعون بدعاء الأحياء لهم... تجوّلت بناظري سريعاً في جنبات المقبرة وهالني هذا الوجوم الصامت من أبناء ذلك الجيل الذين لم تنصب لهم التماثيل ولم تُرفع فوق قبورهم القباب، كانوا في حياتهم شرفاء أتقياء متحابين متآخين لا يحسد فقيرهم غنيهم ولا يحقدون ولا يغدرون ولا يخافون شيئاً حتى الموت ولا يعبدون إلهاً إلا الله، وعلى هذا الأساس عمّروا مساجدهم «وأنّ المساجدَ للهِ فلا تدعواْ مع اللهِ أحداً» كذلك كانوا بالأمس واليوم طواهم الرمس، فرحمة الله عليهم يوم كانوا على ظهر الأرض وبعدما أصبحوا في بطنها.

وطاف بذاكرتي بعض أبناء هذا الجيل الحاضر، وهم الناعمون في عيشتهم المدلون بعزهم وجاههم، المفتخرون بقوتهم وجمال أجسادهم، شغلتهم الدنيا بزخارفها وألهتهم عما خُلِقوا له، أهمس في أذهانهم همسة مشفق فأقول رويداً رويداً فما من نعمة تنعمون بها اليوم في الكويت إلّا بفضل الله كانت ثم بجهود أولئك القوم...

فهم لم يطلبوا مكانةً فوق مكانتهم وما تزينوا بما لم يُعطوا فما كان أقنعهم وأزهدهم!

ألا يستحقون أن ندعو لهم؟

فرحم الله الجميع وأسكنهم الفردوس فسيح الجنان التي سقفها عرش الرحمن.