في اليوم الـ247 من حربه على قطاع غزة، واصل الاحتلال الإسرائيلي جرائمه ضد المدنيين، وذلك غداة «مجزرة» تحرير الرهائن الأربعة في مخيم النصيرات، والتي راح ضحيتها 274 شهيداً على الأقل وأكثر من 698 جريحاً، بينما كشفت «كتائب القسام»، عن مقتل 3 رهائن بينهم مواطن أميركي خلال عملية السبت.
داخلياً، واحتجاجاً على سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولغياب استراتيجية لفترة ما بعد الحرب، أعلن بيني غانتس وغادي آيزنكوت، الاستقالة من «حكومة الحرب». وحضا على إجراء انتخابات مبكرة.
وذكرت «القسام» في مقطع مصور على تطبيق «تلغرام»، أمس، «نعلمكم أنه مقابل هؤلاء قتل جيشكم ثلاثة أسرى في المخيم ذاته أحدهم يحمل الجنسية الأميركية».
وأكدت «لن يخرج أسراكم إلا بتحرير أسرانا».
وفي النصيرات، لايزال فلسطينيو المخيم في حالة صدمة بسبب عدد شهداء الذين سقطوا السبت، وهو أكبر رقم يسجل خلال 24 ساعة على مدار حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي.
وأفادت وزارة الصحة، أمس، بأن 64 من الشهداء هم من الأطفال، إضافة إلى 56 امرأة.
وصرحت مصادر طبية لـ «الجزيرة»، باستشهاد 28 فلسطينياً إثر غارات على مناطق متفرقة في القطاع منذ فجر أمس.
وفي أقصى الجنوب، تقدمت دبابات أمس، إلى منطقتين جديدتين في محاولة واضحة لاستكمال تطويق الجانب الشرقي بأكمله من رفح.
من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، أمس، إن «المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات، تؤكد صوابية موقف الحركة بضرورة اشتمال أي اتفاق يمكن التوصل إليه على الوقف الدائم للعدوان والانسحاب الكامل من القطاع مع صفقة تبادل وإعادة الإعمار».
في المقابل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين أن «عملية النصيرات ستقلل فرص إنقاذ محتجزين آخرين عبر عمليات عسكرية، وستزيد الحاجة إلى إبرام صفقة تبادل».
وصرح نتنياهو، أمس، بأن الدولة العبرية تقاتل في سبع ساحات، مطالباً بالتماسك الداخلي. وأوضح «نحن نقاتل الآن في سبع ساحات، ضد حماس، وحزب الله، والحوثيين، والميليشيات في العراق وسورية، وإيران، وضد المحكمة الجنائية الدولية».
عسكرياً، أعلن الجيش في بيان ان قائد الفرقة 143 البريغادير جنرال آفي روزنفلد، ينوي ترك مهامه «في المستقبل القريب».
وكتب روزنفلد في رسالة الاستقالة «في السابع من أكتوبر، فشلت في مهمة العمر المتمثلة في حماية غلاف» غزة.
وفي أبريل، كان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الميجور جنرال أهارون حاليفا، أول مسؤول رفيع المستوى يتنحى لفشله في الحؤول دون وقوع هجوم «حماس» غير المسبوق.
نقطة تحوّل فارقة
وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن الحرب الإسرائيلية على غزة «باتت نقطة تحول فارقة في تاريخ الشرق الأوسط والعالم»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي مازال عاجزاً» عن وقف ما وصفها بـ«الحرب الهمجية» في القطاع.
وأضاف خلال اجتماع للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، أن «مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتعلقة بالمنطقة تستلزم تكثيف الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة».
وأكد أن الدوحة عملت منذ أكتوبر الماضي، مع شركائها الإقليميين والدوليين، لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وحل الأزمة، لمنع فتح جبهات نار أخرى في المنطقة، كما دعا إلى الضغط لوقف إطلاق النار في غزة، معتبراً أنها «نواة التوتر والمخاطر في البحر الأحمر».
ودعا مجلس التعاون، إلى «التعامل بإيجابية وجدية مع إعلان الرئيس جو بايدن في شأن وقف إطلاق النار». وأشاد بالجهود التي تبذلها قطر ومصر لوقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي.
ودان الأمين العام للمجلس جاسم البديوي في تصريح صحافي، هجوم الاحتلال الإسرائيلي «الغاشم والوحشي» على مخيم النصيرات.
وفي واشنطن، شكل متظاهرون خطاً أحمر رمزياً حول البيت الأبيض السبت، مطالبين بإنهاء الحرب.
وهتف المتظاهرون «من العاصمة إلى فلسطين، نحن الخط الأحمر»، بينما كانوا يحملون لافتة طويلة عليها أسماء الشهداء الفلسطينيين.
تنكّروا بهيئة نازحين
اختار الاحتلال، أكثر لحظات مخيم النصيرات ازدحاماً يوم السبت، ليدفع بعشرات من جنوده تحت غطاء تدميري من البر والجو، لتحرير 4 من أسراه من أيدي حركة «حماس».
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس، أن «جيش الاحتلال قصف 89 منزلاً ومبنى سكنياً مأهولاً بالسكان خلال ارتكاب مجزرة النصيرات»، مشيراً إلى أن «الجنود الذين شاركوا في المجزرة تنكروا بهيئة نازحين واستخدموا سيارتين مدنيتين».
وخلّف الإسرائيليون مشهداً من الخراب، وفقاً لصور لـ«فرانس برس» أظهرت سيارات متفحّمة ومباني مدمّرة وحرائق وأنقاضاً يتصاعد منها الدخان.
وتقول صحافية فلسطينية كانت شاهدة على ما جرى في وسط غزة، إن القوة العسكرية «بدأت بتطويق منطقة النصيرات بالكامل من مختلف الاتجاهات، قبل أن يخرج عشرات الجنود، مما يعتقد أنها شاحنات تحمل لوحات فلسطينية، ويبدأون في إطلاق النار بكثافة».
وتضيف الصحافية التي تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية في مقطع صوتي «أنا كنت على دوار النصيرات... ما رأينا إلا هذا القصف الرهيب... الناس صارت تجري في كل مكان. صارت القناصة تقنص في كل مكان، والطيران يقصف والمدفعية تقصف».
ويقول شاهد آخر إن القوة المتسللة، وتضم نحو 30 جندياً، نفّذت حزاماً نارياً كاملاً حول المنطقة، استخدمت فيها أسلحة مختلفة من مقاتلات «إف - 16» إلى مسيّرات «كواد كابتر» المسلّحة.
ويتابع «الشهداء كانوا على الأرض والناس مش لاحقة تشيل شهداء». ولا يحدد الشهود مصير الذين كانوا يتولون مسؤولية حراسة الإسرائيليين الأربعة. ويوضح أن الجنود أطلقوا قنابل دخان بشكل كثيف جعلت حركة الجميع، بمَنْ فيهم حراس الرهائن، بالغة الصعوبة.