كنت ومازلت أغضب كثيراً من أي سلوك فيه غش للطرف الآخر مهما كانت المبررات، بل إنني أطالب بتشديد العقوبات على كل من تثبت إدانته لأنني وباختصار شديد أرى أن أبعاد الغش بأنواعه كافة من شأنه أن يعمل على تقويض بنية المجتمع.
/>ومن مظاهر الدول المتحضرة والمجتمعات المتماسكة التي بها عدالة اجتماعية هو انعدام الغش أو هبوط معدله سياسياً واجتماعياً وإعلامياً وثقافياً، بما في ذلك عدم وجود الغش التجاري.
/>وفي الكويت وفي البلاد العربية والإسلامية ينتشر الغش بين بعض المسلمين، وهنا لا أقصد إلا بعض الدخلاء على التجارة الذين يمارسون الغش التجاري متمثلاً بالعسل وبالبخور وبدهن العود وبزيت الزيتون وبدهن «العدان» أي «السمن البلدي»، ولا أعرف مبرراً لذلك السلوك خاصة أن أسعار تلك البضائع ليست رخيصة والمغشوش منها يؤثر على صحة الإنسان، فما المبرر لهذا الغش علماً بأن البعض يقوم بالغش عبر تقديم ورقة تثبت بأن العسل غير مغشوش لكنه يقوم ببيع العسل المغشوش مستخدماً تلك الورقة مع الحلف بأيمان مغلظة دون أن يطلب منه أي شخص في أن يقسم، بل إنه يستخدم اللباس الإسلامي من أجل حفنة من الدنانير.
/>ولا يقف الأمر عند هذه الأمور فقط، بل يمتد إلى السمك خاصة الزبيدي عشق أهل الكويت، حيث إنه يتم بيع الزبيدي الإيراني على أنه زبيدي كويتي وهناك بون كبير في السعر خاصة إذا أردت أن تشتري كمية كبيرة لأسرتك أو أن تكون لديك وليمة، ويمتد الغش التجاري لمن يبيع لحوم فاسدة على أنها صالحة للاستخدام البشري وكذلك بعض المعلبات حيث يتم بيع بعض المواد الغذائية المنتهية الصلاحية بعد أن يتم لصق ملصقاً جديداً يثبت صلاح تاريخ الانتهاء وكل تلك الأمور تؤثر سلباً على صحة العباد وتعيث فساداً في البلاد.
/>ويستمر الأمر إلى بيع قطع الغيار للسيارات، حيث إنه يتم بيعها على أنها قطع أصلية بينما هي مغشوشة، وهناك محل يبيع الملابس الرياضية على أنها ماركات عالمية إلى أن تم اكتشاف أنها ملابس مغشوشة!
/>وأذكر أنني اشتريت زيت زيتون من إحدى دول بلاد الشام فكان مغشوشاً واشتريت العسل من دولة أخرى من إحدى دول بلاد الشام الأخرى وكان البائع ينتمي إلى دولة عربية غير بلاد الشام وقال لي وحلف لي انه غير مغشوش فكان مغشوشاً للأسف.

/>واعرف صديقاً قديماً هو من أصدقاء الطفولة لا يشتري العسل إلا من دولة غير إسلامية، لكنني اشتري دهن العدان من شخص أتعامل معه منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
/>ولدينا الغش الثقافي حيث إن هناك من يرسم له بعض اللوحات الفنية أو أن يقوم بالنحت نيابة عنه أو أنه يسرق الفكرة، وهناك من وجد من يكتب له الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية، ويمتد الأمر إلى البحوث العلمية للحصول على الشهادات العليا، ويتم الحصول على مقابل مادي إضافي على الراتب، وقد تم كشف البعض منهم ومازلنا ننتظر البقية خصوصا أن هناك كاتبا «توهق» لأن من يكتب له توفي فتوقف عن الإنتاج مكتفياً باسم «دكتور» وقد كان كثير الإنتاج، ومازال يبحث عن البديل الناجح كما علق خالد الحربان عن اللاعب المبدع «مؤيد الحداد»!
/>وتستمر سلسلة الغش إلى عالم السياسة حيث إن الكثير من المرشحين وعدوا ناخبيهم بقائمة طويلة من الانجازات، ولما وصلوا إلى البرلمان أغلقوا ديوانياتهم ونسوا وعودهم.
/>همسة:
/>هناك حديث شريف يقول فيه أشرف الخلق«من غشنا فليس منا».