الأزمة الإسكانية في الكويت مستفحلة، فالمؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان الكويتي عاجزان عن استيعاب الزيادة المطردة في أعداد طلبات السكن الحكومي والقسائم السكنية. وبنك الائتمان الكويتي يعاني من عجز متكرّر في ميزانيته، الذي يتوقّع أن يصل إلى 16 مليار دينار بحلول 2035.

بناءً على الخطط الإنمائية، ووفق تصريحات مسؤولين في حكومات متعاقبة، ومن بينهم مدير عام بنك الائتمان الكويتي، الحكومة تسعى إلى فرض بدائل مستدامة لنظام الإسكان الحالي، ولكن هذه البدائل مرفوضة شعبياً. ولذلك عجزت الحكومة عن إقرارها في مجالس الأمة الأخيرة السابقة للمجلس المبطل الثالث.

ابّان المجلس المبطل الثالث، تمكّنت الحكومة من تمرير بعض تلك البدائل من خلال قانون في شأن «تأسيس شركات إنشاء مدن أو مناطق سكنية وتنميتها اقتصادياً»، الذي أقرّ بأغلبية ساحقة في مداولته الأولى.

ورغم تضمّن القانون بدائل مرفوضة شعبياً، إلا أن نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي – وتباعاً مجمل المواطنين – اعتبروا هذا الإقرار إنجازاً تشريعياً.

يرى مراقبون أن الحكومة ابّان المجلس المبطل الثالث كانت وفق الموازين الغربية حكومة الحزب الحاكم الذي كان يتمتّع بأغلبية نيابية كاسحة. وعليه، شكّل الحزب الحاكم اللجان البرلمانية بما يخدم أولويّات الحكومة، رغم إنها لم تشارك في انتخابات اللجان.

وكان من بين تلك الأولويات إقرار بدائل مستدامة «مرفوضة شعبياً» لنظام الإسكان، من خلال لجنة شؤون الإسكان والعقار.

لذلك شكّل «الحزب الحاكم» هذه اللجنة بما يضمن اتساع شعبيتها المنبثقة من شعبية أعضائها. فعلى سبيل المثال، أحد أعضاء اللجنة أكاديمي متخصّص في العلوم السياسية انضم إلى هذه اللجنة البعيدة عن اختصاصاته، ولم يترشّح لعضوية اللجنة التعليمية ولا لجنة الشؤون الخارجية.

ويعتقد مهتمّون بالقضية الإسكانية، أن لجنة شؤون الإسكان والعقار في المجلس المبطل الثالث كادت أن تنجح في تمرير بدائل مستدامة «مرفوضة شعبياً» لنظام الإسكان من خلال تبنّي التضليل.

فعلى سبيل المثال، أكّد مقرر اللجنة أثناء المداولة الأولى على أهمية منح «السهم الذهبي» للمؤسسة العامة للرعاية السكنية لتمارس بموجبه حقوقاً استثنائية يقرّرها النظام الأساسي لشركة إنشاء مدينة أو منطقة إسكانية، وعلى الأخص ما يتعلّق بأسعار بيع الوحدات السكنية. ولكن بعد المداولة الأولى، شطبت اللجنة الفقرات والمقاطع الخاصة بالسهم الذهبي من مشروع القانون الذي أعدتّه للمداولة الثانية.

وكذلك الحال بالنسبة لشطب الفقرة «يضمن الاحتياطي العام للدولة أموال مشتري الوحدات العقارية المباعة لهم على المخطط في حال تعثّر أي شركة إما باستكمالها لإنشاءات المدينة أو المنطقة السكنية المتعثّرة أو بإعادة كامل أموالهم إليهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التوقّف» من مشروع القانون.

كما أن الكثير من مؤيّدي القانون يجهلون تضمّنه جزئيّات هم يرفضونها. فهم لا يعلمون أن القانون يمنح شركات إنشاء المدن أو المناطق الإسكانية حق تحصيل رسوم خدمة المناطق والمساحات المشتركة وما يلزمها من صيانة وتشغيل بعد اكتمال إنجاز المشروع.

وهم أيضاً لا يدرون أن مشروع القانون يتضمّن استثناءً خطيراً من قانون الرعاية السكنية، يجيز للشركة المقاول بيع البيوت والقسائم السكنية لمستحقّي الرعاية السكنية بأسعار أعلى من الحالية.

جميع أعضاء لجنة شؤون الإسكان والعقار في المجلس المبطل الثالث أعضاء في اللجنة الحالية، وانضم إليهم عضوان جديدان. لذلك يرجّح أن تُعيد اللجنة تقديم مشروع القانون نفسه الذي أعدّته اللجنة السابقة للمداولة الثانية. وعليه أدعو اللجنة إلى تنظيم حملة إعلامية توعوية في شأن الجزئيات الحسّاسة في مشروع القانون، ثم عقد لقاء مفتوح مع مستحقي الرعاية السكنية لاستقبال ملاحظاتهم ومقترحاتهم...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com