بداية أُبارك للعم أحمد عبدالعزيز السعدون، تزكيته رئيساً لمجلس الأمة، واسأل الله أن يطيل في عُمره ويجعله مفتاحاً للخير مِغلاقاً للشر، وأبارك لجميع الإخوة أعضاء المجلس نجاح حفل الافتتاح لدور الانعقاد الأول متمنياً لهم التوفيق والسداد، وأن يعينهم الله على حمل الأمانة التي أوكلها الشعب لهم، وأن يسارعوا في مباشرة الإصلاحات السياسية من تشريعٍ وتعديل وتفعيل ما هو معطلٌ منها وتأتي في صدارة الأولويات من هذه الإصلاحات السياسية تفعيل المادة 50 من الدستور الكويتي والتي تنص على أساس فصل السلطات مع تعاونها، فالتعاون واجب والفصل أوجب.
وحتى لا نعود للمربع الأول ولا نعيد الأخطاء ذاتها التي ساهمت في تعطيل الحياة البرلمانية، يجب أن تكون السلطة التشريعية منفصلةً انفصالاً تاماً وفعلياً عن بقية السلطات كما هو الحال بالسلطتين التنفيذية والقضائية، فالواجب على أعضاء مجلس الأمة البت في فهم عجز المادة 116 من الدستور، والتي اختلف فيها الفقهاء الدستوريون، ففريق منهم يرى وجوب حضور الحكومة وجوباً شرطياً لصحة انعقاد الجلسة وفي الجهة المقابلة يرى فريقٌ آخر أن هذا الخلاف حسمته المادة 97 من الدستور حيث نصّت على «يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه». ولم تذكر المادة حضور الحكومة.
وهنا نقول إن كانت المجالس السابقة التي جعلت من المادة 116عرفاً برلمانياً «في تلك الحقبة» نابعاً من روح التعاون لدى المؤسسين وتقديراً من السلطة التشريعية آنذاك للسلطة التنفيذية. فإن الحكومة «في حقبتنا» اليوم وللأسف لم تراعِ هذا العرف ولم تجازِ هذا التقدير بما يستحق من ردٍ للتحية، بل استغلته استغلالاً معيباً عطّلت فيه التعاون الدستوري المنشود بين البرلمان والحكومة. وخلقت من هذا العرف شرطاً مستحدثاً لصحة انعقاد الجلسات وهو (النصاب الخاص بها). بمعنى لو أن أعضاء مجلس الأمة أرادوا عقد جلسة عادية أو خاصة بحضور 45 عضواً فلن يتحقق لهم عقد جلسة صحيحة إلّا بعد إلحاق النصاب العام (المادة 97) بنصاب الحكومة الخاص (المادة 116). وبهذا تصبح السلطة التنفيذية مهيمنة على السلطة التشريعية لدرجة أن مصير جلسات البرلمان أصبح مرتبطاً بمزاج الحكومة العام.
فمن طبيعة الحياة البرلمانية حصول توافق نيابي - حكومي في بعض القوانين وتعارضاً في بعضها الآخر. والسؤال المتكرّر ماذا لو حصل تعارض بين النواب والحكومة... فالجواب بسيط: لن تحضر الحكومة وعليه فلن تعقد جلسة ويتم تعطيل الحياة البرلمانية كالمعتاد.
ختاماً: كلي ثقة في الإخوة النواب في إعادة النظر في فهم المادة 116، والبت فيها إما بقرار من المجلس أو بإحالة تفسيرها للمحكمة الدستورية للبت فيها. وكسر هذا العرف البرلماني الذي أفضى بنا إلى فوضى سياسية وتعطيل مصالح المواطنين. مستذكرين ما تقدم به النائب الفاضل/ مبارك هيف الحجرف في مجلس 2016، والذي يعتبر خطوةً إيجابية لإيقاف هذه المغالطات والخروج من هذا التيه الدستوري حيث تقدم بطلب لإحالة تفسير المادتين 116 / 97 من الدستور للمحكمة الدستورية، ولكن للأسف تم رفض هذا الطلب من قبل المجلس. فليس من المنطق وضع مفتاح بيت الأمة بيد حكومية متى ما شاءت الحكومة فتحت أبوابه ومتى ما أرادت أوصدته.
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com