ألقى مركز الشيخ جابر الثقافي «نظرة على الأفلام الكويتية القصيرة» أمس، وهي 3 أعمال سينمائية لمخرجين شباب كويتيين، أولها فيلم «الوظيفة» لمريم العباد، والذي يرصد معاناة شاب في البحث عن وظيفة، حتى فقد الأمل وأصبح يبيع أحلامه الملونة، بالإضافة إلى فيلمي «لمياء خونده» للمخرج خالد الريس، و«راديو مساعد» لعثمان الفليج، اللذين استندا إلى أحداث واقعية.

«زمن الروبوت»

في البداية، تم عرض فيلم «الوظيفة» والذي تدور أحداثه حول شاب فقير يجسد دوره الممثل أحمد الجناعي، ولكنه ذكي جداً، حيث ظل يكابد صعوبات جمة في الحصول على عمل. فمن مبدأ «حسن المظهر» و«اللباقة» و«تحمّل الضغوطات» التي غالباً ما نجدها في الإعلانات المبوبة في الصحف اليومية، للراغبين في الحصول على وظيفة، اشتغل ذلك الشاب على نفسه، إذ كان يرتدي أفضل ما لديه من ثياب ليكون حسن المظهر خلال المقابلات الوظيفية، كما هو متعارف عليه منذ القدم.

ولكن كل هذه الأشياء لم تعد من الأساسيات في زمن «الروبوت»، فلا حاجة لموظف لا يقدر على تحمل ضغوطات العمل لأكثر من 20 ساعة في اليوم، الأمر الذي أصابه باليأس والإحباط فأصبح بائعاً للورد، كمن يبيع أحلامه الملونة.

ولعلّ المخرجة العباد سبقت عصرها في هذا الفيلم الذي تم إنتاجه في العام 2019، أي قبل انتشار ظاهرة الموظف الآلي على النحو الذي نراه الآن.

«راديو مساعد»

بعدها، تم عرض فيلم «راديو مساعد» للمخرج عثمان الفليج، وهو مستوحى من أحداث حقيقية في أواخر السبعينات من القرن الماضي، وتتعلّق بطالب ذكي في إحدى مدارس منطقة الفيحاء، يبتكر اختراعاً جديداً بعد أن نجح في العبث بجهاز الراديو الذي يمتلكه، فيحوله من جهاز للاستقبال إلى منبر لإرسال البث الحيّ، عبر ما يقدمه من مقاطع صوتية وأغانٍ عدنية، تلامس أبناء جيله.

الجميل في الموضوع أن مساعد لم يقف عند ذلك الحد، بل ظل متجدداً ومستمراً في ابتكاراته، حتى يُغطي مناطق واسعة ومتعددة، وهو ما دفع المسؤولين آنذاك إلى منحه ترخيصاً خاصاً للبث الإذاعي من منزله.

وتحدّث المخرج عثمان عصام الفليج لـ«الراي» قائلاً إن «قصة الفيلم تدور حول الطالب العبقري ذي الـ 16 عاماً مساعد الحليل الذي تربطني به صلة الجيرة، حيث استخدم أجهزته الخاصة في البيت لتغيير استقبال الراديو إلى بث إذاعي وذلك في العام 1973، وبعد نجاحه في هذا المشروع، قرر تطويره، حتى أصبح راديو مساعد يُغطي مناطق متعددة، الأمر الذي دفع وزارة المواصلات وقتذاك إلى ملاحقته، ولكنه في نهاية المطاف لاقى الثناء من قبل الجميع، وكان أول مواطن كويتي يحصل على ترخيص خاص للبث من منزله».

ولفت الفليج إلى أن الفيلم، من تمثيل عزيز البلام الذي يؤدي شخصية «مساعد»، كما شارك من باب ضيوف الشرف الفنان أحمد مساعد، بينما تولى مشعل الحليل مهمة تحريك الكاميرا، وتكفّل داود شعيل بمهام مساعد المخرج، متوجهاً بالشكر والتقدير لكل من شجعه على صناعة هذا الفيلم، «وبالأخص والدي عصام الفليج، رحمه الله».

«لمياء خونده»

ويؤرخ فيلم «لمياء خونده» حياة سيدة عراقية كابدت شتى ضروب العذاب والتعنيف من قبل الجيش العراقي بسبب مساعدتها للكويتيين إبان الاحتلال العراقي، حيث تم الحكم عليها بالإعدام، ولكن في اليوم المقرر لتنفيذ الحكم في 17 من شهر يناير العام 1991، انطلقت «عاصفة الصحراء» التي شنتها قوات التحالف، إيذاناً لبدء عمليات تحرير الكويت، ما أحدث ربكة لدى صفوف العدو.

وقال المخرج خالد الريس لـ«الراي» إن الفيلم يتناول قصة جدته خلال الغزو العراقي الغاشم للكويت، فهي وبالرغم من كونها مواطنة عراقية، ولكنها كانت تساعد الكويتيين في استخراج جوازات سفر مزوّرة لتمكينهم من السفر خارج البلاد، وحين تم اعتقالها حُكم عليها بالإعدام، غير أن الحكم لم يُنفذ، «حيث إنه في اليوم الذي قرروا فيه إعدامها (في قصر العدل) وقع التحرير، فتم ترحيل جميع السجناء ومنهم جدتي إلى العراق، ثم إلى السعودية، التي بدورها أعادتهم إلى الكويت».

وأوضح الريس أن جدته وافتها المنية قبل صناعة الفيلم بعامين، «وهو إهداء لروحها الطاهرة ونضالها ضد الباطل من أجل نصرة الحق، والحمد لله أن الفيلم مازال يحظى بالثناء في المهرجانات وقاعات العرض، على الرغم من مضي 7 سنوات على صناعته».

«موضوع شائك»

كشفت مخرجة «الوظيفة» مريم العباد عن أن «الفيلم يتناول موضوعاً شائكاً يتمثل بمعاناة شاب في البحث عن وظيفة، في وقت ظهور الأجهزة المتطورة ولا سيما (الروبوت) أو الموظف الإلكتروني»، وأشارت إلى أن الفيلم تمت صناعته في العام 2019، كما عُرض في مهرجانات عدة، أهمها مهرجان الشارقة السينمائي، ومهرجان السعودية للأفلام، بالإضافة إلى عرضه في مهرجان الكويت السينمائي، وحصوله على المركز الثاني في المهرجان نفسه.