من على خشبة نادي القادسية الرياضي، يواصل فريق مسرحية «السحر الأسود» تقديم عروضها بمعايير عالمية، وبرؤية فنية ثاقبة لمؤلفها ومخرجها الفنان عبدالعزيز المسلم، الذي نجح في صناعة عمل متكامل توافرت به كل مقومات النجاح، من نصٍ وإخراج وأداء وسينوغرافيا، وخدع بصرية، وتحليق، وغيرها من الحركات الخطرة التي أبهرت الجمهور.

تناقش المسرحية في أجواء من الرعب الكوميدي خطر السحر الأسود على البشر، وانتشاره في المجتمعات التي يكثر بها الجهل والجهلاء، حيث تبدأ الأحداث في ليلة زفاف «سليمان» (عبدالعزيز المسلم) من «شريفة» (مرام البلوشي)، إلا أن زواجهما يُثير ثائرة «سعاد» (باسمة حمادة) التي كانت ترسم وتخطط للزواج منه، ولذلك لم تجد بداً من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين لاستعادة فارس أحلامها، فكان في انتظارها «الساحر أبوجن» (عبدالله المسلم) الذي أوهمها بـ «جلب حبيبها».

في حين قدمت الفنانة فاطمة الطباخ دور «عايدة» أم سليمان، ولعب الفنان حمد العماني دور «الشيخ صالح» وهو رجل الدين الذي يقف بالمرصاد لكل المشعوذين.

حركات خطرة

مَن شاهد المسرحية، التي تمتد لثلاث ساعات، وشارك في بطولتها أيضاً كل من عبدالله المسلم وعلي الفرحان وشيماء قمبر وعلي الثامر وسعيد السعدون ومحمد عبدالعزيز المسلم وعلي القريشي، سيدرك حجم الجهد والعمل الدؤوب الذي قام به صنّاعها وأبطالها لتقديم عرض يليق بتاريخ مسرح عبدالعزيز المسلم، لاسيما خدع الطيران على الخشبة وما تخللها من حركات خطرة تتطلب رشاقة في الأداء ولياقة عالية إلى جانب التدريبات المكثفة، حيث شاهدنا تحليق أكثر من ممثل وممثلة، وهم يؤدون هذه المشاهد باحترافية، خصوصاً ذلك المشهد الرومانسي الذي يجمع «سليمان» و«سعاد» في لوحة فنية مُذهلة، ذكرتنا بمشهد «العندليب الأسمر» عبدالحليم حافظ والفنانة ميرفت أمين في أغنية «يا خلي القلب» من فيلم «أبي فوق الشجرة»، حيث كانا يحلقان في السماء على أنغام «القمر خدنا القمر لجزيرة أبعد من الخيال».

كذلك، لا نغفل دور مجاميع «الزومبي»، الذين جالوا بين مقاعد الجمهور ليزيدوا جرعات الرعب، بالإضافة إلى قيامهم بالأدوار الاستعراضية الصعبة.

إسقاطات

الجميل في العمل أنه لم يعتمد على الإبهار والمتعة البصرية فحسب، بل حمل أيضاً الكثير من الإسقاطات الاجتماعية والسياسية، مثل حلّ مجلس الأمة وإبطاله في العديد من المرات، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي في البلاد، فضلاً عن علاقة الأبناء بالآباء، والعقوق، وتخوّف الكثير من الشباب من الإقدام على الزواج، وظاهرة الطلاق المبكر، وقضايا أخرى عديدة تلامس المجتمع.

أما السينوغرافيا، فيبدو أن فريق العمل حرص على ألا تكون هناك أي غلطة، فقد شكّل الديكور مع الإضاءة والموسيقى والمؤثرات الصوتية مزيجاً من الترابط والإتقان، فشاهدنا كيف تنطلق النيران مع صوت الجن، وتتغير الألوان ليسود الرعب في المكان، بينما تتحرك قطع الديكور بكل انسيابية.

أغانٍ متماشية

تضمنت المسرحية عدداً من الأغاني التي تتماشى مع فكرتها وأحداثها، كتب كلماتها الشاعر سامي العلي وصاغ ألحانها عادل الفرحان. كما شهدت مشاركة فرقة من تنزانيا متخصصة بالاستعراضات والحركات الخطرة.