ليلة الخميس الماضية كانت استثنائية، ومختلفة في رونقها داخل مركز الشيخ جابر الثقافي، وتحديداً في قاعة الشيخ جابر العلي الموسيقية، التي احتضنت أمسية فنيّة كان نجمها الموسيقار اللبناني العالمي غي مانوكيان برفقة أعضاء فرقته.
قدّم مانوكيان على مدار ساعتين ونصف الساعة جدولاً موسيقياً دسماً بمضمونه الذي فاق 24 مقطوعة، منها تخصّه، وأخرى لكبار الموسيقيين والفنانين، متألقاً بأدائه المميز، وبمشاعره المرهفة التي فاضت في الأرجاء، ونابضاً بنغماته التي لامست قلوب الحاضرين، حيث انقسم برنامج الحفل إلى جزأين تخللتهما استراحة قصيرة.
بداية انطلاقته، كانت مع مقطوعة «طلعت يا محلا نورها» ثم أتبعها بـ«طلوا أحبابنا»، لينثر بعدها عبق وروده بمعزوفات «ليلتنا من ليالي العمر»، «نقيلي أحلى زهرة»، «نوال»، «حلوة يا بلدي»، «مالي شغل بالسوق»، «ميدلي بحبك»، «قمرة»، إلى جانب «سيكو خوربسي مو كوكليمو» و«رابسودي أرمني».
في الجزء الثاني من الأمسية، قدّم مانوكيان روائع عدة، مثل «ألف ليلة وليلة»، «موعدنا»، «أرضك»، «ليلة حب»، «تمادا»، «بتونّس بيك»، «نورتس»، «دياسبورا»، «كان عنا طاحون»، إلى جانب «حنّا السكران»، «هارام»، و«ميدلي على عين» و«نسّم علينا الهوا».
مانوكيان... السيرة والمسيرة
يذكر أن مانوكيان ذي الأصول الأرمينية قد تبوأ مكانة متميزة على الصعيدين العالمي والإقليمي خلال الـ30 عاماً الأخيرة، حيث تعاون مع أكبر الأسماء في مجال الموسيقي في أميركا وغيرها، كما جال كثيراً في بلاد العالم بموسيقاه الاستثنائية التي دمج فيها الألحان الشرقية مع التوزيعات الموسيقية الحديثة، فامتلأت حفلاته بالجمهور في أكبر عواصم وبلدان العالم، منها لندن والقاهرة ودبي وأبوظبي وموناكو ولوس أنجليس وسيدني وأثينا وباريس، بالإضافة إلى مشاركاته المتعددة في مهرجاني «بيت الدين» و«جبيل» الدوليين في موطنه لبنان.
بدأ مانوكيان العزف على البيانو قبل أن يكمل الرابعة من عمره، حيث تدرب على أيدي أفضل معلمي الموسيقى في لبنان، وعند بلوغه السادسة حل ضيفاً للمرة الأولى على شاشة التلفزيون اللبناني، وبعدها بعام واحد قدم حفلاً في القصر الرئاسي، ولم يكد يبلغ الثامنة حتى فاز بأول جائزة في حياته عن مقطوعة من تأليفه. وعلى مدار دراسته الابتدائية التحق بالنشاط الموسيقي، حيث دأب على المشاركة في حفلات المدرسة.
وفي سن السادسة عشرة قدم منفرداً أولى حفلاته الموسيقية التي حضرها أكثر من ألف شخص، وفي العام 1997 أصبح عازفاً محترفاً. أما نقطة التحوّل في مسيرته فحدثت عندما بدأ يدمج الموسيقى الشرقية مع الغربية ويوزعها بأحدث الأساليب المعاصرة.