المُهرجون، لا يتواجدون فقط في عروض السيرك، وأماكن الترفيه، بل ينتشرون في كل المهن...

فالعرض الذي قدّمته فرقة مسرح الخليج العربي أول من أمس، ضمن العروض الرسمية لفعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي، أزاح الغطاء عن استغلال الثري للموهوب الفقير، الذي يبحث عن لقمة عيشه بعرق جبينه، وذلك فقط لإهانته حتى لا يكون أفضل منه، فيتحكم به ويحطمه ويقتل أحلامه.

وقد دارت أحداث المسرحية حول فنانين يُطردون من فرفتهم ليجدوا أنفسهم في الشارع، فيظهر لهم صاحب سيرك ويعرض عليهم العمل معه، وبالفعل يباشرون بالعمل، خصوصاً وأنهم لا يجدون قوت يومهم... لتبدأ بعدها رحلة العذاب وفقدان الكرامة.

الجميل في العرض أنه لا يستهدف زماناً أو مكاناً محددين، لأنه مكتوب بحرفية وذكاء، خصوصاً أن الإسقاطات التي شاهدناها في المسرحية صرنا نراها في كل البلدان العربية، لاسيما عندما تختل الموازين فيصبح كل شيء أشبه بعروض السيرك.

كما حمل العرض الكثير من الواقعية المُطعّمة بالكوميديا السوداء، ليُعبّر بوضوح عمّا آلت إليه الحال في هذه الدنيا، بسبب بعض الأشخاص الذين يتحكمون بنا لمجرد أنهم أصحاب نفوذ، فلا يوجد لديهم احترام للآخرين، ويعتقدون أنهم بأموالهم يستطيعون شراء الناس وتحطيم آمالهم.

ونجح عيسى الحمر بجدارة في الرؤية الإخراجية التي اعتمدها لهذا العرض، حيث استطاع توصيل رسائل ومضامين النص، الذي كتبته المؤلفة تغريد الداود، بطريقة سلسة ومن دون تعقيد، عبر تعامله الذكي مع الإضاءة التي كانت ألوانها متناسقة ومتناغمة، بالإضافة إلى السينوغرافيا الجميلة التي استمتع بها الحضور، وكأنهم أمام لوحة تشكيلية جميلة أضافوا عليها مجموعة الممثلين جمالية أكثر.

أما بالنسبة إلى أداء الممثلين، فيُحسب للممثل ناصر الدوب أنه بذل جهداً مضاعفاً لإيضاح مدى جشعه كصاحب سيرك لا ينفك يقوم بإهانة الناس والتقليل من شأنهم، فضلاً عن بقية الممثلين، الذين قدموا مهارات عالية في الأداء، بينهم الفنان خالد الثويني والفنانة سعاد الحسيني، التي نجحت في توصيل معاناة المرأة.

الندوة التطبيقية

أعقب العرض، ندوة تطبيقية أدارها الزميل جمال العدواني، بحضور المُعّقب يحيى عبدالتواب، ومخرج المسرحية الحمر ومؤلفتها الداود.

في البداية، أوضح المُعّقب عبدالتواب أن العمل يرمز إلى ما وراء المسرح، حيث تميز بكوميديته السوداء، بالإضافة إلى تناسق الأداء التمثيلي الذي تم باحترافية بالغة.

في حين، قالت الدكتورة منى العميري إن «مطلوب مهرجين» هو العرض النسائي الرابع في هذا المهرجان، وهو نص متجانس وجميل كما أن الأداء التمثيلي كانت به «كيمياء» انعكست على الجمهور.

أما الدكتور أيمن الخشاب، فقد عبّر عن سعادته بعودة الممثل ناصر الدوب إلى المسرح بعد انقطاع، مشيراً إلى أن الدوب تألق بتعبير حركي مميز، وكان له نمط مغاير عن الشخصيات الأخرى.

أما الناقد بدر الأستاذ، فكان له رأي آخر، إذ قال: «رغم إعجابي بأسلوب الكاتبة تغريد الداود وتجدّدها دوماً في كتابة النصوص، لكنني لا أحب وجود مباشرة في نهاية العمل، على غرار ما حدث في (مطلوب مهرجين)».