يقول الممثل وصانع الأفلام الأميركي برادلي كوبر «الكوميديا هي الموسيقى»، إلا أنّ ما شاهدناه أو سمعناه في المسلسل الاجتماعي «مفتاح صول»، الذي ينتمي إلى أعمال «اللايت كوميدي» ويُعرض حالياً على إحدى المنصات الرقمية، يدفعنا إلى إعادة النظر والتمعّن مطولاً بالعبارة السابقة وبمفهوم الكوميديا عموماً!

فعبارات مرّت في المسلسل مثل «ريحتچ خلّ»... «ريحة شعرچ خايسة»، وغيرهما من الروائح الأخرى غير المحببة التي فاحت كثيراً في حلقات المسلسل، لا يمكن إدراجها بأي شكل من أشكال في إطار الكوميديا، الخفيفة أو المتوسطة أو الثقيلة، بل ان مثل هذه العبارات قد «تسدّ نفس» المشاهد عن الضحك بالمرة.

كما يعاب على «مفتاح صول» كثرة التذمر بسبب الحظ العاثر أو «الحظ المصخّم» كما تقول نجمة العمل «فرح» (زهرة عرفات)، التي لا تنفك تشكي حالها وحال بناتها «العوانس الأربع»، وهن «أفلاك» (غادة الزدجالي)، وهي فتاة مثقفة وتهوى القراءة بشغف، إلى حد أنّها لا تجد فسحة من الوقت للاهتمام بنفسها، و«مدار» (هنادي الكندري) البخيلة، والطموحة لدخول عالم «البيزنس»، و«سما» (كفاح الرجيب) هاوية الرسم، و«قمر» (رندا حجاج) التي تحب الغناء وترى بأنها موهوبة وتمتلك صوتاً جميلاً، ولكنها لا تجد الثناء والتشجيع من والدتها.

ففي أحد المشاهد، التي «يفترض أنها كوميدية»، تطلب فرح من ابنتها أفلاك أن تقوم بتوصيل الطعام إلى خالتها التي تنتظرها في الخارج، إلا أن أفلاك تتعامل مع الأمر بطيش الأولاد الصغار، حين تصرّفت كما لو أنها في حلبة لسباق السيارات، فتتعثر ويسقط من يدها الطعام على الأرض، بصورة عبثية لا كوميدية، حيث بدا المشهد استخفافاً بـ«النعمة» أولاً، وبالمشاهد ثانياً.

ونحن هنا لا نبخس العمل حقه، لناحية الحبكة القصصية التي أبدعت الكاتبة سحاب في نسج أحداثها، بالإضافة إلى براعة الأداء من طرف الممثلين كافة وبلا استثناء، فضلاً عن الرؤية المميزة للمخرج محمد كاظم في جوانب أخرى من العمل، إلا أنّ وجود مثل العبارات والمشاهد، أفقدت النص قيمته... فما هكذا تُعزف الكوميديا الهادفة.

فمنذ أن عهدنا الكوميديا الحقيقية، الصامتة منها والناطقة، كان التعبير الحركي هو الأساس لدغدغة المشاعر وإضحاك الجمهور بطريقة عفوية لا مصطنعة، بدءاً من أعمال تشارلي تشابلن ونجيب الريحاني وإسماعيل ياسين وعبدالسلام النابلسي، مروراً بروائع العملاق عبدالحسين عبدالرضا والقدير سعد الفرج و«الزعيم» عادل إمام وسعيد صالح، ووصولاً إلى أعمال داود حسين ومحمد هنيدي وطارق العلي وانتصار الشراح، وغيرهم من نجوم الكوميديا الكويتيين والعرب والعالميين.

فالنجوم السالف ذكرهم، لم يعتمدوا قط على العبارات الركيكة، أو المحاولات البائسة لدغدغة وجنات المشاهدين، بل كانوا يستلهمون الكوميديا من كل شيء... ومن لا شيء، من الكلمة ومن الموقف.

لو نظرنا إلى أعمال إمام مثلاً، لرأينا - براعة الاختراع - التي تُحسب له في صناعة الكوميديا الحقيقية، إذ يجعلك تضحك من القلب، لمجرد التعبير عن موقف ما في ملامحه فقط ومن دون أن ينبس بكلمة واحدة، وقد شاهدنا ذلك في الكثير من أفلامه ومسرحياته، وكذلك الحال بالنسبة إلى بقية الفنانين من جيله.

محمد كاظم مدافعاً: سترون تغيّراً كبيراً في الحبكة الدرامية

ردّ المخرج محمد كاظم على تساؤلات «الراي» حول بعض العبارات التي تخللها العمل، بالإضافة إلى كثرة التذمر بسبب الحظ العاثر وما شابه من سوداوية، قائلاً: «هذه العبارات تجدونها في الحلقات الأولى فقط، لكن ومع تصاعد الأحداث سترون تغيراً كبيراً في الحبكة الدرامية»، مبدياً ترحيبه بكل الآراء الهادفة والبناءة حول «مفتاح صول».

وأضاف كاظم أنه بسبب انشغالاته في التحضير للموسم الدرامي لشهر رمضان المقبل، لم يشهد أي أصداء إيجابية أو انتقادات تتعلّق بـ«مفتاح صول» الذي تكفّل بإخراجه، مشيراً إلى أن أحداث العمل ليست من وحي الواقع، «كما أنه ليس كوميدياً صرفاً، وإنما اعتمد على كوميديا الموقف، وهي تختلف عن أي من الكوميديا السائدة التي ترونها في المسلسلات المحلية الأخرى، في حين أن نسبة التراجيديا فيه بلغت قرابة الـ 70 في المئة».

وأضاف «أن العمل جرى تصويره في ظروف صعبة للغاية، خلال فترة الحظر في شهر رمضان الماضي، إذ كنّا نواصل العمل ليل نهار لإنجازه، سواء أثناء الصيام، أو بعد الإفطار، ونستمر في التصوير لساعات متقدمة من الليل».