No Script

ببساطة

برنامج الحكومة... بيض الصعو

تصغير
تكبير

يقول المثل: بيض الصعو ينطرى ولا ينشاف؛ بمعنى الشيء الذي يتم ذكره ولا تراه، وهذا هو الحال مع برنامج عمل الحكومة، فقد اعتدنا في الكويت على أن نسمع ببرامج عمل الحكومات المتعاقبة دون أن نرى شيئاً على أرض الواقع، واليوم تنتهي المهلة التي طلبتها الحكومة الجديدة لتقديم برنامج عملها، ورغم أن المادة (98) من الدستور تنص على أن تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، إلا أنه قد جرت العادة على ألا تقدم الحكومة برنامجها «فور تشكيلها»، بل تقدم البرنامج بعد فترة من تشكيلها، وحتى بعد تقديم البرنامج الذي طالما تضمن كلاماً انشائياً لا يحتوي على أي أهداف محددة بجدول زمني واضح.
برنامج عمل الحكومة هو الحجر الأساس لبناء أي عمل برلماني حقيقي، ففي الديموقراطيات المتقدمة يكون البرنامج هو أساس اختيار الوزراء، وهو الأساس الذي ينتخب عليه الناس الأحزاب المتنافسة، فالأحزاب تقدم برامجها ويتم انتخابها من خلالها، وبعد ذلك يقوم الحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة لتنفذ ذلك البرنامج، أما في الكويت فواقع البرنامج «للأسف» مثله مثل حياتنا السياسية المشوّهة، هو مجرد حبر على ورق وجزء من الكماليات التي لا تقدم ولا تؤخر، بدليل أن الدستور ينص على أن دور المجلس يقتصر على تقديم الملاحظات على البرنامج، بينما الأصل أن يكون هذا البرنامج أساساً لمنح أو حجب الثقة عن الحكومة!
عموماً لست بصدد التذمر من الواقع الذي نعيشه، فهذا الواقع الذي لا نزال نعيشه منذ عقود لم يتغير، ونحن كسياسيين أو كمهتمين بالشأن العام هدفنا هو تغيير هذا الواقع من خلال نشر الوعي وتوضيح مكامن الخلل، لذلك أتعمد دائماً توضيح أساس المشكلة قبل طرح الحلول، والحل الذي طالما ذكرته في مقالات سابقة هو أن يقوم رئيس مجلس الوزراء قبل تشكيل حكومته بوضع البرنامج وخطة العمل، أي قبل اختيار وزرائه، فيكون الفريق الحكومي على علم بمهامه وواجباته قبل تسلم المنصب الوزاري، أما وقد تم تشكيل الحكومة الحالية بالطريقة التقليدية، فليس أمامنا سوى أن نأمل بأن تقدم هذه الحكومة برنامجاً واضحاً محدداً بجدول زمني، ويتضمن أهدافاً محددة بنسب وأرقام واضحة يتم من خلالها قياس مدى نجاح أو فشل الحكومة بتطبيقه، أما الكلام الإنشائي المعتاد فلن يغير من واقعنا شيئاً، بل ربما يؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع السياسي السيئ الذي نعيشه منذ وقت ليس بقصير.


نحن اليوم أمام برنامج أبرز ملامحه كما يقول رئيس مجلس الوزراء هي الإجراءات الكفيلة بالحد من بؤر الفساد وتطوير الأجهزة الحكومية لننتقل إلى الحكومة الرقمية، ومن هذا المنطلق نقول لرئيس مجلس الوزراء إن هذا البرنامج يحتاج إلى المصداقية كي يطبق، وعلى الحكومة أن تثبت لنا جديتها في العمل على محاربة الفساد، فلا تعمل على لفلفة قضايا الفساد الأخيرة، كذلك يجب أن تعمل بجدية على جلب جميع المحكومين في قضايا الفساد كقضية الاستثمارات الخارجية واختلاس أموال التأمينات الهاربين في الخارج، أما بالنسبة للتحول إلى الحكومة الرقمية فقد أصبح أقصى طموحنا هو وجود خدمات الطباعة داخل مراكز خدمة المواطن بدلاً من الخروج للطباعة من الكرفانات! غير هذا سيبقى برنامج الحكومة مثل بيض الصعو... ما نشوف منه شي!

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي