No Script

ببساطة

خلية إرهابية وبعد...

تصغير
تكبير

قرأنا جميعاً قبل أيام خبر إلقاء القبض على خلية الإخوان المسلمين الإرهابية، وبالتأكيد فإن خبراً كهذا لا يمكن التعامل معه في حدود الثناء على جهود رجال الأمن، كونه يرتبط بشكل أو بآخر بالشأن السياسي المحلي، بل والإقليمي أيضاً، فجماعة الإخوان المسلمين لها امتدادها في جميع الدول العربية والإسلامية، والكويت ليست استثناءً لذلك الامتداد، بل إن لها في الكويت تاريخها الحافل في العمل السياسي والبرلماني وبمواقفها الموالية للحكومة، بل لقد حصلت على كامل الدعم الحكومي خلال العقود الأربعة الماضية ليعاونوها على إقصاء وتهميش الحركة الوطنية، ففتحت لها المساجد وجمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية وسلموها أغلب المناصب القيادية في وزارات الدولة، لذلك يثير هذا الخبر العديد من التساؤلات!
ولعل أول ما شدني في خبر إلقاء القبض على الخلية هو تسميتها بالخلية الإرهابية، فحسب علمي الكويت لم تدرج الإخوان المسلمين ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، فلو كان الموضوع مجرد استجابة لطلب رسمي من جمهورية مصر العربية لكان من الممكن أن تقول الحكومة بأنها ألقت القبض على مجموعة من المطلوبين في قضايا أو أحكام في جمهورية مصر العربية، فما هو السبب الحقيقي لتسميتها بالخلية الإرهابية؟ أهي الإثارة الإعلامية؟ أم أنها إشارة لتغيير قادم في سياسة التعامل الحكومي مع الإخوان المسلمين؟
الأمر الآخر الذي حفزني للكتابة حول هذا الموضوع هو محتوى اتصالات رئيس الخلية، الذي نُشر في الصحف، حيث يقول إن الكويت ملاذ آمن «لو عاوزين تيجو»، فهل ستصبح الكويت حاضنة للمتشددين والمتطرفين؟ خصوصاً وأن هناك تضييقاً كبيراً على المتطرفين في المنطقة، فها هي «داعش» تُضرب في العراق وسورية، وهاهي «الإخوان المسلمين» تُدْرج ضمن قوائم الإرهاب في مجموعة كبيرة من دول المنطقة، لذلك أعتقد أن علينا الحذر من تحول الكويت إلى حاضنة للمتطرفين مستقبلاً، خصوصاً وأن المجتمع اليوم يعاني من انتشار التعصب العنصري والطائفي والقبلي، مما يساهم في تغلغل أولئك المتطرفين بيننا، وربما يعطينا الدفاع المستميت لبعض أعضاء مجلس الأمة «ممثلي الشعب» عن أعضاء تلك الخلية انطباعاً واقعياً عن مدى سهولة اجتذاب الكويت لهؤلاء المتطرفين!
أخيراً هناك ذلك التساؤل الذي لم أجد إجابة له، كيف دخل هؤلاء إلى الكويت ما داموا إرهابيين، أليس من المفترض أن تكون أسماؤهم معممة على جميع المنافذ والحدود؟ ومن هو المسؤول عن دخولهم الكويت وتسهيل تحركاتهم؟ وهل سيتم كشف ومحاسبة هؤلاء المتعاونين مع الخلية الإرهابية أم لا؟ ففكرة تواجد الخلايا الارهابية في الكويت ليست أمراً هيناً، ورغم الإشادة بجهود الأجهزة الأمنية لتمكنها من رصد وضبط الخلية، إلا أننا في الوقت نفسه علينا أن نخشى من الانفلات الأمني في حدودنا ومنافذها. فموضوع إلقاء القبض على خلية إرهابية أو خلية تجسسية ليس جديداً، بل سبق أن تم ذلك وما زلنا نسمع مثل هذه الأخبار التي تعطينا انطباعاً سيئاً حول سهولة الدخول إلى الكويت!
في النهاية ما زلت أعتقد أن الموضوع يشوبه الغموض، لكن واجبنا الوطني يحتم علينا أن ننبه إلى ضرورة حفظ أمن البلد من أي اختراق، وأن ننبه الحكومة لضرورة العمل على تقوية الجبهة الداخلية الكويتية، والتوقف عن نهجها الهدام بتفتيت المجتمع لمكوناته الاجتماعية الصغيرة من خلال استثارة النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمحاصصة والمحسوبية، كذلك من المهم أن تبادر الحكومة إلى تحقيق الانفراج السياسي، الذي سيسهم بشكل كبير في تعزيز وحدة الجبهة الداخلية وتقويتها، كي لا تصبح الكويت مستقبلاً ملاذاً لكل متطرفي العالم... حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي