No Script

اعتماد المنظومة الجديدة لفوائد المصارف

وفْر البنوك اللبنانية يناهز 3 مليارات دولار والعميل يدفع الثمن مدّخِراً أم مقترِضاً

No Image
تصغير
تكبير

بدأت المصارف اللبنانية بجني نصف المحصول المرتقب لخفض منظومة الفوائد على ودائع الزبائن المحرَّرة بالدولار وبالليرة، والتي يتم اعتمادها على الشرائح ذات التجميد الشهري وتقارب نحو 50 في المئة من إجمالي الودائع، بينما تترقّب ضمّ الجزء الثاني بالتتالي، خلال 3 و 6 أشهر وسنة، وفق استحقاق الآجال، لتبقى نسبة ضئيلة مجمّدة بعقود فوائد مرتفعة لفتراتٍ تراوح بين 18 شهراً وسنتين.
وفي المقابل، سيكون على محتاجي التمويل من أفراد ومؤسسات الانتظار طويلاً، ليس لذريعة إعادة هيكلة الفوائد على القروض، عقب التزام جمعية المصارف بتوصية البنك المركزي بخفض المعدلات المرجعية المعتمدة (BRR)، إنما لعدم توافر السيولة الكافية لدى الجهاز المصرفي بالدرجة الاولى، ولعدم حماسة إدارات المصارف لـ«المغامَرة» بتسليفات جديدة في سوق عالية المخاطر تنذر بتقلّصات موجعة في الوظائف والمداخيل وبيئة العمل الطاردة، التي تجبر عشرات المؤسسات في قطاعات مختلفة على الاقفال أو تقليص الأنشطة.
وقدّم مصرفي لبناني، طلب عدم الكشف عن هويته، عبر «الراي» توصيفاً مثيراً لقرار خفض هيكلية الفوائد الدائنة واستتباعاً المَدينة، فهو أشبه بـ«قنبلة صوتية» تدوّي في فراغٍ مالي ونقدي تتافقم خطورته في البلاد، بحيث تخضع الحسابات الدائنة لدى المصارف لتقييد شديد (Capital Control) من دون تشريع أو حتى تعميم من البنك المركزي.
وفي المقابل يتحسّس المستثمرون في إصدارات الدين الحكومية رؤوسهم، خوفاً من عملية إعادة هيكلة قد تتضمن قص جزء من الأصول (Haircut).
ويسأل المصرفي عن المفاعيل المرتقبة للمبادرة في عزّ الأزمة، والتغافل عن جدواها المؤكدة قبلاً في ضبْط السوق، وخفض تكلفة خدمة الديون الحكومية بالليرة وبالدولار، مشيراً الى تَنَصُّل حاكم المركزي رياض سلامة عن ضبط سوق الفوائد في الفترة التي سبقت انفجار التحركات الشعبية العارمة، والردّ بعدم الاكتراث أو الدعوة إلى المزايدة على المشتكين من المنافسة المستعرة، التي أوجدتْها بعض البنوك المحلية، عبر استعمال سلاح الفوائد العالية وإعادة توظيف المبالغ لدى «المركزي» ذاته، في شهادات إيداع بالدولار مدعمة بمردود بين 7 و8 في المئة وبمزايا بالليرة تحقّق مردوداً إضافياً بنسب مماثلة.
ويأتي ذلك إبان تنفيذ عمليات الهندسة المالية التي مدّت المصارف، بعوائد ربحية قاربت 6 مليارات دولار.
ويوضح المصرفي نفسه أن المبادرة في ذاتها مهمة، إذا تمدّدتْ لاحقاً إلى محافظ الديون السيادية التي تقارب رسمياً 90 مليار دولار، وكادت كلفة خدمتها وتأدية مستحقاتها من شرائح أصول وفوائد أن تستنزف كامل الموارد المالية للدولة، بالشراكة مع كلفة القطاع العام التي تفوق كل مثيلاتها في العالم، لافتاً إلى أن حرص الحاكم محقّ ما دام يهدف لاعادة التوازن الى المعاملات داخل البنوك والسعي لإعادة تنشيط الحركة الاقتصادية.
واذا كانت المنظومة الجديدة للفوائد التي يجري اعتمادها بالتدرّجِ المحكومِ بتَوَزُّع آجال الودائع، تُحَقِّقُ العدالةَ الموضوعية بين مردود الادخار وتكلفة الإقراض، يلفت مدير عمليات في أحد المصارف عبر «الراي» الى حقيقة مبطنة، إذ إن التمعن في الوقائع السائدة يفضي الى استنتاج مؤلم، فالمودع يستفيد ورقياً من المردود سواء ارتفع أو انخفض، والمُقْتَرِض لا يجد باباً مصرفياً يطرقه لسدّ حاجته إلى التمويل.
وبذلك يكون البنك قد حصد صافي الخفض الذي استحدثه على مردود المدّخرات، وتتلقى واردات الخزينة حسما يقارب 50 في المئة على إيراداتها المرتقبة من الضريبة على الفوائد المصرفية، ويتبدد بالتالي مفعول زيادة نسبة الضريبة من 7 الى 10 في المئة، اذ تهبط الحصيلة عملياً الى نحو 5 في المئة.

تسعير الدولار
ويشير المدير المصرفي إلى أولوية إنهاء فوضى تسعير الدولار، الذي يقفز بين 3 حبال، الأول رسمي عند متوسط 1507 ليرات وهو غير متوافر للصرف، والثاني صيرفي ناهز 2500 ليرة لكل دولار حتى الساعة، والثالث استهلاكي يتسم بالمزاجية والعشوائية يزيد غالباً تَحَسُّباً بين 20 و30 في المئة عن أسعار شركات الصيرفة.
كما تتّصف بالأولوية قضيةُ المعاملاتِ اليومية للزبائن، وأهمية النظر في التخفيف من القيود المتشدّدة، التي تضع موظفي البنوك في مواجهة لا يرغبونها مع العملاء، بعدما كانوا طوّروا تدريجاً علاقات طيبة معهم، فاذ بها تتحوّل الى خصومة تخرج أحياناً عن الإطار العقلاني، لتبلغ مستويات الصراخ والشتم وحتى التعدي الجسدي.

120 مليار دولار
بحسب وثيقة عمّمها النائب آلان عون، وهي قريبة جداً من أحدث البيانات المصرفية، فإن إجمالي ودائع الزبائن المحرَّرة بالعملات الصعبة تبلغ نحو 120 مليار دولار، موزعة نسبياً بين 50 في المئة مجمدة لشهر واحد، 20 في المئة لثلاثة أشهر، و15 في المئة لمدة 6 أشهر، ومثل هذه النسبة لسنة وأكثر.
وحقق هذا الإجمالي مردوداً مجمعاً ناهز 6 مليارات دولار العام الماضي، مع اعتماد متوسط فائدة 5 في المئة للآجال كافة.
أما بعد اعتماد الفوائد الجديدة، فيهبط المردود إلى 3.18 مليار دولار، أي بفارق يبلغ نحو 2.82 مليار دولار، بمتوسط فائدة 2 و3 و4 في المئة على التوالي.
أما لجهة الودائع المحرّرة بالليرة، فيبلغ الإجمالي نحو 56 ألف مليار ليرة (نحو 37 مليار دولار)، موزّعة بذات توزيع ودائع الدولار، فهي أنتجت فوائد للمودعين بنحو 4.76 ألف مليار ليرة، أي ما يماثل 3.2 مليار دولار بالسعر الرسمي، وهو سيهبط الى 3.45 ألف مليار ليرة، أي بفارق 1310 مليارات ليرة تساوي نحو 869 مليون دولار بالأسعار الرسمية، بعد اعتماد منظومة الفوائد الجديدة، أي نزولاً من متوسط 8.5 في المئة الى 5.5 و 6.5 و 7.5 في المئة، بالتتالي وفق آجال التجميد.
وبذلك يكون الوفر الفعلي على دفاتر المصارف، تَحقق من خلال خفْض كلفة ودائع الدولار بنسبة 47 في المئة، وخفض الكلفة على ودائع الليرة بنسبة 28 في المئة، بينما لم يتجاوز نسبة 21 في المئة على متوسطات فوائد التمويل المرجعية.
وعمّم مجلس إدارة جمعية المصارف أنه «تماشياً مع المنحى الذي عكسه التعميم الوسيط الصادر عن مصرف لبنان تحت رقم 544، قرر أن يعمّم على المصارف معدلات فوائد مرجعية جديدة (BRR)، بحيث أصبحت هذه الأخيرة 6.75 في المئة للتسليفات بالدولار، بدلاً من 8.5 في المئة، و9 في المئة للتسليفات بالليرة اللبنانية بدل 11.50 في المئة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي