هناك ثلاثة مواقف ورؤى عند الناس في الساحة العربية، حول الانتفاضات والثورات العربية منذ العام 2011، هناك من شكك منذ البداية بها، واعتبر أنها من تدبير المخابرات الغربية والإسرائيلية، وهناك من أُحبط من مآل هذه الثورات، بل اعتبرها انقلابات وليست ثورات، بعد أن اُختطفت وحرفت عن مسارها، واستمرار بقاء أقطاب الأنظمة القديمة، أو الدولة العميقة سواء الاخوان المسلمين أو المتنفذين، أو الحلف بينهما لإبقاء الوضع كما هو، والموقف الثالث ما زال يؤمن بالإرادة الشعبية، ويرى أن التراجعات والمد والجزر أمر طبيعي، في مقاييس الأوضاع الذاتية والموضوعية، وأن الحتمية ستقود إلى التغيير.
والملاحظ أن الثورة الشعبية السودانية، والانتفاضة الشعبية الاحتجاجية الجزائرية، لم تحظيا بالتغطيات الإعلامية البارزة، كما كان الحال في العام 2011، ولم تحظيا أيضاً بالاهتمام الشعبي في الدول العربية، وقد ساهمت الدعايات الغربية، ودعايات الأنظمة والقوى المحافظة والرجعية، في موقف الشارع العربي من لا مبالاة وعدم متابعة واهتمام، على اعتبار أن نتيجة الانتفاضتين الجزائرية والسودانية، ستكونان مثل نتائج سورية واليمن وليبيا، أي كارثية على مقومات الدولة والشعوب.
وفي الواقع لم ينته غضب الشعوب عربية كانت أم غير عربية، جراء إجراءات التقشف والخصخصة ورفع الدعم عن السلع والخدمات ورفع الأسعار، ولا تزال الشعوب ترفض ولو بعد حين، الفساد والسرقة لثرواتها ومقدراتها، من قبل فاسدي الداخل أو أطماع ونهب الدول الخارجية الكبرى.