عادت عليكم صيام

شهر كريم ترى فيه الناس يسبحون ويكبرون ويذكرون الله كثيراً، ويشيرون إلى الخير ويدلون عليه ويعملون به.
ترى المسلمين في هذا الشهر، أنفاسهم تسبيح، ونومهم عبادة، ودعواتهم مقبولة بإذن الله الكريم.
ما أجمل أيامه

وما أحسن لياليه.
وما أبهى السماحة فيه والرحمة والعطف على الفقراء، وتذكر المحتاجين والمعوزين، نفحاته كلها أريج لعبق فواح ملؤه الخير والعفو والتسامح.
في هذا الشهر الكريم تراث جميل لأهل هذه الديرة الطيبة، وهو القرقيعان في النصف من هذا الشهر، حيث يجتمع الأطفال في ليلة القرقيعان ويجوبون البرايح والفرجان والسكك والفتيان منهم يقولون:
سلم ولدهم يا الله
خله لأمه يا الله
وهم في هدوء وطمأنينة واستقرار ووئام.
ما أجملها من ليال
وما أحسنها من أوقات
على قلة الإمكانيات ومحدوديتها
إلا أن سماحة النفوس تفيض بالخير المتدفق.
وتترى الأيام ويحتفل بهذه المناسبة بأشكال غريبة وعجيبة، فتنصب الولائم وتوضع الموائد ويتفاخرون بنماذج لصنوف من القرقيعان قد يكلف الأهل الشيء الكثير، ولكن لم يفعّل التراث ولم يأت به إنما تفعيل التراث يكون بمرور الأطفال على البيوت فيعرفون جيرانهم وجيرانهم يعرفونهم، وهم يهتفون بهتافات الآباء والأجداد قديماً بهذه المناسبة حتى ولو ترافقهم أمهاتهم أو الذين يعملون في منازلهم، فإن ذلك لا يضير إنما القصد هو تفعيل التراث كما هو.
فلا بد أن يفعّل هذا التراث بوسائل كثيرة، بإدراجه في المناهج والكتب المدرسية حتى يدرسه التلاميذ، وإن للمؤسسات التربوية والثقافية دوراً كبيراً في هذا الصدد واللجان المتخصصة بالعلوم والفنون والثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ووزارة التربية ولجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد في البرلمان، حتى الذين يستخدمون السوشيل ميديا فعليهم أن يبثوا مقاطع مختلفة من الفيديو لتبصير الناس بماهية هذه المناسبة، واطلاعهم على نماذج من تراث بعض الدول في هذا المضمار.
مناسبة تراثية جميلة في شهر كريم مفعم بالخير، نسأل الله الكريم أن يعيده على المسلمين جميعاً وعلى أهل هذه الديرة المطمئنة والآمنة وجميع اهلها يرفلون بأثواب من الصحة والعافية والهناء.
وما لنا إلا أن نقرأ ما كانت تنشده بنات هذه الديرة وهن يرتدين بخانقهن الموشاة بالزري، وننشد لجميع البراعم من أهل هذه الديرة الطيبة، ومعهم ولدي سلطان حسين فنقول:
«قرقيعان وقرقيعان، بيت قصير ورميضان، عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام، يا الله سلم سلطان، يا الله خله لأمه عسى البقعه ما تطمه ولا توازي على أمه»، ولا على أمهات هذه الديرة الطيبة، وعساكم من العايدين.