No Script

كلمة بعد النقطة

تداووا... أيها الأدباء!

تصغير
تكبير

اليوم سأترك هذه المساحة للحديث مع إخوتي في القلم، يبدأ بنصيحة قد تكون قاسية - وقد لا يتقبلونها - وهي: «أرجوكم أيها الأحبة... تداووا من أحداث رواياتكم المؤلمة، أخرجوا من أجساد أبطالكم، تحرروا من سيطرة العاطفة تجاههم، فأنتم واقع... وهم خيال».
أعلم أن الغوص في بحر الخيال متعب، والإقامة روحياً في فسحة أرض قد لا يكون لها مكان على الكرة الأرضية، والتنقل في شوارعها ولمس أشجارها وعناق أقمارها، ليس سهلاً الخروج منها، خصوصاً عندما نتعاطف مع شخصية من شخوص القصة، أو نضطر إلى أن نتلبس «نفس» سيئة آذت من نحب في حكايتنا، فختام كل رواية؛ يعني شيئاً من الحزن يعترينا لأننا سنغلق باب الاسترسال والتواصل مع أبطال روايتنا ومغادرة أرضهم، التي مشينا عليها معهم ما يقارب العام، وشاركتنا تفاصيل حياتنا، واقتحمت علينا خلوتنا، وأخذتنا من أقرب الناس إلينا لنكتبها...!
تداوى أيها القاص من هذا الحب!... ولا تجعل رحلة الخيال التي سافرت بها إلى أعماق روايتك أن تجر فكرك نحوها وتسيطر على انتباهك، فلا تجعلك تشارك عائلتك اهتماماتهم، أو تهنأ بصحبة أصدقائك، عليك أن تنتقل إلى مسار آخر واقعي أكثر لتعوض ما تركت وما ذهب منك خلال رحلة الكتابة.


تداوى أيها المؤلف من أحزان وآلام أبطال روايتك، فكم مؤلف لم يستطع أن يسيطر على غضبه وحزنه، وصارت تلك المشاهد التي كتبها تلاحقه، وتقض مضجعه، وتسكب دموعه عليها، وأحياناً تدخله بحالة مرضية... وحالة كآبة ينعزل بها عن الآخرين!
تداوى أيها الروائي... وقل لنفسك: «الرواية خيالية... لكن أنا الواقع، بطل روايتي ليس أنا... لكنني جعلته بطلا بقلمي، الرواية انتهت... وسأبدأ عملاً آخر، أحب عالم كتبي... ولكنني جزء متفاعل مع هذا العالم الواقعي، أعتذر لكل من آلمته في روايتي... لكنني أعلم أنه ألم غير حقيقي».
تداوى أيها الأديب، واستمتع برحلة الحياة والجمال الذي فيها، مثلما تستمتع برحلة الخيال.
تداوى من هذا الحب أرجوك؛ إن كنت مقتنعا بما كتبت... «أدع لي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي