No Script

قيم ومبادئ

دَع ما يُريبك

تصغير
تكبير

هذه قاعدة مستقرة جاء بها الإسلام، وهي أن تترك ما فيهِ شكٌّ إلى ما لا شكّ فيه، وهي من أنفع الوسائل التي يستعين بها الإنسان بعد الله تعالى في عمله في هذه الحياة، حيث إنه تردُ على الإنسان شكوكٌ في أمور كثيرة في النواحي الاجتماعية أو السياسية والاقتصادية أو التعليمية، وغير ذلك، فنقول له دعِ الأمورَ التي تشكُّ فيها حتى تسلم وتستريح، فكل معاملة تجد أنها ألحقت بك الشكوك والقلق والارتياب، فاتركها إلى معاملة أخرى أكثر وضوحاً وصفاءً، أما إذا وصل بك الحال إلى الوسواس فلا تلتفت إليه، ولا تتجاوب معه، وهذا قد يكون حتى في العبادات والطهارة والوضوء، ويكون أيضاً في الزواج والطلاق وهكذا.
فالإسلام لا يريد من أبنائه أن يكونوا في شكّ ولا قلق، وإذا أردتَ الطمأنينة في الحياة والاستراحة لكي تتمكن من العمل والإنتاج، فاترك كلَّ أمرٍ يساوركَ فيه الشكُّ، واطرحه جانباً، والحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، فمَن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
كما أن الإسلام جاء بمحاسن الأخلاق وحثَّ المسلمين على الاشتغال فيما هو أهمّ من الأمور، وترك ما لا يدخل تحت مسؤوليتهم، واعتبر ذلك من حُسن إسلام المرء، بمعنى أنّ مَن اشتغل بما لا يعنيه فإنّ إسلامه ليس بجيّد، وهذا نلاحظه اليوم بصورة واضحة وحاصلة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تجد هناك مَن يتكلم في أمور لا تعنيه وكلّ إنسان تكلّم وخاضَ في أمور لا تهمّه ولا تعنيه فقد أتعب نفسه فيما لا طائل من ورائه.
وقال بعض أهل العلم: إن السكوت واجب على كلّ إنسان إلّا إذا تكلم في خير مُستدلّاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
(مَن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
وفي المثل (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب).
وكم... وكم كلمة ألقت في قلب صاحبها البلاء وجرّت عليه الوباء!
والكلمة بيدكَ ما لم تخرج من لسانك فإذا خرجت لم تملكها، وإذا دار الأمر بين أن أسكت أو أتكلّم، فالمختار السكوت لأنّ ذلك أسلم لك في دينكَ وعِرضكَ.
إذاً حتى يسلم الإنسان من آفات اللسان فعليه أن ينشر الخير، أما نشر الشر فهو حرام ، والشر قد يكون في القول وما يترتب عليه، أما نشر اللغو من الحديث وهو ما لا خيرَ فيه ولا شر، فهذا ليس بحرام أن يقولَ الإنسان لغواً من الكلام أو ينشره، ولكن الأفضل له أن يسكت فهذا أقوى لإيمانكَ وأحفظ للسانكَ.
وتجدُ بعضَ الناس يَهَبه الله تعالى حياءً فتجده حيّياً من حين الصّغر، لا يتكلم إلا عندَ الضرورة، ولا يفعل شيئاً إلا عند الحاجة لأنّه حيّي، وهذا تجده نادراً في الناس اليوم.
مع أنّ كثيراً من الناس اليوم صارت عنده جرأةٌ على الدين وعلى القِيم، وعلى ثوابت المجتمع، فتجده يفعل ما يشاء ولا يُبالي!
ولذلك تجد عوامّ الناس إذا فعل هذا الرجل ما يُستحى منه، تجدهم يتحدّثون فيه ويقولون فلان لا يستحي، فعلَ كذا وكذا.
وعليه اقول:
ينبغي للإنسان أن يتفقّدَ نفسه دائماً، هل هو مستقيمٌ أو غير مستقيمٍ؟
فإن كان مستقيماً حَمد الله وأثنى عليه، وسألهُ الثبات، وإن كان غيرَ مستقيم، وَجَبَ عليه التوبة والرجوع للاستقامة، وأن يعدّل خط سيره إلى الله تعالى.

الخلاصة:
كمال غاية الإنسان في هذه الحياة دخول الجنة، وليس كمــال الغاية كــثرة الأمـــوال، ولا كثرة البنين، ولا الترفّه في الدنيا، ولهذا لما قضى أحد الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
اسأل ماذا تريد؟
قال: أسألُكَ مرافقتكَ في الجنّة
قال: أوَ غير ذلك؟
قال: هو ذاك
قال: فأعنّي على نفسكَ بكثرة السجود.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي