No Script

واضح

لماذا لم تقع المواجهة بين أميركا وإيران إلى الآن؟

تصغير
تكبير

هذا السؤال الأكثر ترديداً في الأيام القليلة الماضية، لماذا لم ترد أميركا على إسقاط إحدى طائراتها من قبل إيران؟ ولأن كثيراً من مجتمعاتنا يريد إنزال قواعد العراك التي تقع بين شخصين في أحد الشواع العربية الجانبية على هذه المواجهة بين هاتين الدولتين، وهو يتوقع ردة فعل كالتي يشاهدها في شوارعنا بين «الفتوات»! لهذا كانت آراء مجتمعاتنا رداً على هذا السؤال وفقا لهذه القواعد التي تعرفها!
أميركا اختارت منذ البداية الإجراءات الاقتصادية، لكف يد العبث الإيرانية - حسب توجهها - وإعادة صياغة الاتفاق النووي معها، هذا خيارها منذ البداية، ولم تختر المواجهة العسكرية للوصول لهذه الأهداف، هكذا أعلنت وعملت أيضاً، سواء وافقناها أم خالفناها خيارها وهدفها لكننا هنا نصف هذا الخيار فقط.
مع بداية ما تسميه أميركا «تصفير النفط الإيراني» مرورا بإلغاء الاتفاق النووي، يجب العلم أن إيران تخسر ما يقارب 250 مليار دولار أميركي سنوياً بسبب هذه الإجراءات، حسب الأرقام المعلنة والمتوقعة، وذلك بمعدل خسارة تقارب 20 مليار دولار شهرياً هي كسبها الفائت من ناتج تصدير ما يقارب 3،9 مليون برميل يومياً، حصتها المقررة في أوبك مضافاً إليه انتاجها من الغاز الطبيعي، بمعنى أن كل يوم يمر على إيران فإن ميزانيتها تخسر ما يقارب 600 مليون دولار هي مبيعاتها من النفط والغاز، وهذه الأرقام لو تحررت إيران من كل العقوبات المفروضة عليها منذ البداية، ومن البدهي أن الحكومة لن تستطيع تقديم النفط لموائد الإيرانيين ليقتاتوا منه فما لم تتمكن من بيعه فلا قيمة له!
الأذرع التابعة لإيران في المنطقة كذلك في حالة جفاف تام، فبعد كثير من الإجراءات المالية التي اتخذت في كثير من الدول لمنع وصول الأموال إليها ومع جفاف المنبع الرئيسي في إيران، أصبحت بلا ممول الآن، وهذا هو ما يبرر حالة السعار التي أصابت الحوثيين مثلاً، والتي جعلتهم يوجهون هجمات يومية للسعودية بسبب هذا «الجفاف» ولعل قادم هذه الأذرع يزداد سعاراً.
بعد هذه الصورة قارن بين خسارة إيران اليومية من فوات ربحها ودخلها من تصدير النفط والغاز، وخسارة الأذرع التابعة لها كل مصادر تمويلها، وبين خسارة الطرف الآخر سواء تلك الطائرة التي أُسقطت أو هذه البواخر التي أصيبت، أو تكلفة تلك الإجراءات الأمنية المتخذة تجد أنه لا مقارنة بين الخسارتين أبداً.
في المواجهات السياسية عليك دائماً أن تضع أمام عينيك ميزان الخسائر والأرباح العام، وألّا تكتفي أبداً بالنظر في ناحية واحدة في هذه المواجهة، ولنضع في الحسبان هذه المرابح التي تتحقق في تحجيم إيران وأذرعها، فهذه الميزة الأهم في هذه المواجهة السياسية.
أميركا - بغض النظر عن الموقف من إجراءاتها - أرادت فرض طوق اقتصادي على إيران، وهذا الطوق حتى لو كان اقتصاديا لكنه لا يستبعد الرد العسكري منها على أي تعد من الطرف الثاني، إلا أن استكمال حلقات هذا الطوق يحتاج لخطوات عدة وإجراءات وترتيبات، بعضها سياسي في الداخل الأميركي وبعضها لوجستي وبعضها سياسي في الخارج العالمي مع القوى الأوروبية وغيرها، هذا الاستكمال هو أحد مبررات عدم الرد الأميركي السريع أيضاً.
ايران - هو الطرف الوحيد الكاسب من أي مواجهة لو وقعت في بداية الاحتكاك لأنها تعلم أنها مواجهة محدودة، ولن يتوسع الرد عليها أبداً، ولأن المواجهة العسكرية ستفتح لها آفاق كبيرة وكثيرة للتفاوض وإدخال وسطاء وأبواب للأخذ والرد، وبالتالي تحسن مركزها للتفاوض على الاتفاق النووي، ولهذا سعت لبدء هذه المواجهة في الوقت الذي تحدده هي لكنها لم تنجح إلى الآن على الأقل.
أظن أن هذا كله من الأسباب التي أدت إلى عدم الرد الأميركي - إلى الآن على الأقل - على التعدي الإيراني السابق.

@lawyermodalsbti

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي