رؤية ورأي

«كيفاس» في العصر الكوروني

تصغير
تكبير

لا شك أن مرحلة ما بعد كورونا سوف تختلف عن ما قبلها، والتحولات المشهودة خلال المرحلة الحالية «العصر الكوروني» ستترك آثاراً لها على مستويات عدّة، ابتداء بالأفراد ومرورا بالمؤسسات والدول وانتهاء بالعلاقات الدولية، وفق ما جاء في الدراسات التي صدرت، منذ الأيام الأولى من هذا العصر، من مؤسسات فكرية ومراكز أبحاث مرموقة عالميا كمؤسسة بروكينغز الأميركية. ما يهمني في هذا المقال هو التحولات الإيجابية التكيّفية مع العصر الكوروني في المؤسسات الأكاديمية الكويتية، وتحديداً مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المعروفة اختصاراً باسم «كيفاس» (KFAS).
بعد أن تم تعطيل الدوام الرسمي بالكويت في 12 مارس، أعلنت «كيفاس» عن فتح ثلاث نوافذ استثنائية لاستقبال مقترحات أبحاث حول تداعيات وباء كورونا المستجد على ثلاثة قطاعات هي الصحة والاقتصاد والتعليم في الكويت، ابتداء من 19 مارس ولغاية 30 أبريل الجاري. ويعتبر هذا الإعلان أحد مظاهر سرعة وكفاءة استجابة «كيفاس» للمستجدات الكورونية.
فبعد مرور أسبوع واحد فقط من تعطيل الدوام الرسمي، فتحت «كيفاس» نافذة لاستقبال المقترحات البحثية والدراسات التي تساهم في تقييم التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا المستجد على الاقتصاد الكويتي، وتقديم الحلول لتحفيز الاقتصاد بقطاعاته المختلفة على المديين القريب والمتوسط، ودعم الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررة. كما أنها فتحت بشكل متزامن نافذة أخرى، بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط على إغلاق مرافق الدراسة، لاستقبال الدراسات المتخصصة في التعليم الرقمي والتعليم الذاتي والتعليم عن بُعد في جميع المراحل الدراسية. وكذلك فتحت بالتزامن أيضا نافذة ثالثة لاستقبال مقترحات الأبحاث حول سياسة الصحة العامة، والابتكار في الممارسات الطبية والدراسات الوبائية، وتوقعات انتشار فيروس كورونا المستجد وتداعياته.
ثم، قبل قرابة أسبوعين، أعلنت «كيفاس» أنها قدّمت لوزارة التربية مقترحها الخاص بالشق التعليمي من برنامجها للاستجابة الطارئة لدعم الجهود الحكومية في إجراءاتها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. وأوضحت أن دعم الوزارة سيتم في خطين متوازيين، الأول خاص بتنفيذ برنامج طارئ يهدف إلى توفير فرص للتعلم البديل أثناء فترة تعطيل الدراسة، والثاني مرتبط بإعداد المنصة التعليمية الوطنية، التي تسمح بانتقال التعليم العام النظامي إلى تعليم رقمي متكامل الجوانب، يُمكن الدولة من تحويل الدراسة إلى تعليم عن بُعد، في الحالات التي تتطلب ذلك، على أن تكون المنصة جاهزة للاستخدام في بداية العام الدراسي المقبل (2020 /‏2021).
وبعد ذلك، في بداية الأسبوع الجاري، دعت أكاديمية التقدم العلمي التابعة لـ«كيفاس» جميع الأفراد والمؤسسات المهتمة لمشاركة أفكارهم والتطوع لدعم «كيفاس» في تحقيق أهدافها الواردة في الشق التعليمي من برنامجها للاستجابة الطارئة. وطرحت الأكاديمية ثلاثة طلبات عروض في وقت واحد. يتعلق الأول بالمنصة وأنظمة الإدارة المرتبطة بها (الفصل والمدرسة والمنطقة التعليمية... إلخ). ويختص الثاني بالمقترحات التي تتعلق بموارد التعليم الرقمي (المحتوى) المتوافق مع المنهج المعتمد لدى وزارة التربية. والثالث موجّه إلى جميع الأفراد والشركات الراغبة في التطوع بوقتهم أو خبرتهم أو مواردهم لمساعدة «كيفاس» في تحقيق أهدافها المحددة في برنامجها للاستجابة الطارئة.
رغم أن المبادرات السالفة ليست الوحيدة من قبل «كيفاس» خلال العصر الكوروني، إلا أنها تتميز على الأخريات بتفوقها على الواقع الكويتي بشكل يحفّز الطاقات والإمكانيات المحلّية، وينمي قدراتنا الوطنية في تلبّية متطلبات العصر الكوروني والعصور اللاحقة.
لذلك أدعو نفسي وزملائي الأكاديميين إلى الاقتداء بالرّوّاد والرّائدات في «كيفاس» من حيث تحدّي عقبات توفير التعليم عن بُعد، ومشاركتهم في النهوض المهني الفوري بمنظومتنا التعليمية لتواكب مستجدّات العصر الكوروني والعصور اللاحقة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي