No Script

نسمات

إشكالية الاستجواب!

تصغير
تكبير

تكمن الإشكالية في الاستجواب المقدم من النائب الدكتور عادل الدمخي إلى الوزيرة الدكتورة غدير أسيري، في أن المجتمع الكويتي رغم انفتاحه الكبير إلا أن هناك أموراً وثوابت لا يسمح بتجاوزها، ولقد كان الواجب على القيادة السياسية، وهي تسعى لتشكيل الوزارة، أن تراعي تلك الحساسيات وألا تتخطاها!
أنا لا أوافق مع من يقولون إن ذلك شيء متعمد من أجل خلط الأوراق وتحويل المجتمع إلى فخار، يكسر بعضه بعضاً، ولكنه جهل بطبيعة المجتمع الكويتي وحساسيته، لقد كان آباؤنا الأولون الذين كتبوا الدستور وسنوا القوانين منسجمين في تفكيرهم ونظرتهم إلى الأمور، وكان إصرارهم على تضمين المواد الكثيرة في الدستور التي تصر على إسلامية الدولة واتباعها الشريعة الإسلامية، بل وأصرت المذكرة التفسيرية للدستور على تحميل المشرّع مسؤولية تطبيق أحكام الشريعة ما وسعه ذلك، ولذلك كان من السهل على مجلس الأمة منع الخمور وتشجيع إنشاء البنوك الإسلامية، ونشر مظاهر التدين في كل مجال!
لكن مجتمعنا وبحكم الانفتاح الكبير على العالم وتأثر بعض أبنائه بالعادات والتقاليد الغربية عليه، فقد حاول هؤلاء المتأثرون بالغرب إدخال تلك العادات إلى المجتمع، بل ناصب بعضهم العداء لكل ما هو إسلامي!


للأسف فإن أصحاب القرار في بلادنا قد حاولوا التغاضي عن تلك الاختلافات الكبيرة بين أبناء الشعب، ومحاولة دمج الجميع من دون النظر إلى المتناقضات، وحدثت المشاكل التي لا نزال نعاني منها، وقد ظنوا أن الدستور والقانون كفيلان بحل تلك المشاكل، ولكن المشاكل زادت وحدث مثل ذلك الموقف الذي تكشف واضطر نواب الأمة إلى إعمال أداة الاستجواب، وقد كان الواجب هو مراعاة الرأي الشعبي العام وعدم إحداث التصادم بين الحكومة والشعب، لا شك أن مثل ذلك الاضطراب الحاصل يربك المشهد السياسي ويتسبب في جروح عميقة قد لا يمكن علاجها، وقد أصبح جلد الحكومة - كما يقولون - سميكاً لكثرة قبولها بالمتناقضات، مثل إعلانها عن الاكتتاب في شركتي البورصة والزور وفي الوقت نفسه تقوم الهيئة الشرعية التابعة للحكومة، بالإفتاء بحرمة شراء أسهم تلك الشركتين!
استجواب ناجح
لقد أبلى الدكتور عادل بلاء حسناً في استجوابه، ولم يتخط الحدود بل راعى الأدب، وكشف كثيراً عن التناقض في مواقف الوزيرة ومخالفتها لأحكام الدستور والقضايا الشرعية، بل وحرصها في الحصول على التقاعد من أجل رعاية معاق، ثم عملها في التدريس وقبولها للوزارة!
ولست أهتم بنتيجة جلسة الثقة في الوزيرة، ولكني أنبه رئيس مجلس الوزراء إلى ضرورة تحقيق الانسجام في تشكيلة وزارته وتناغمها مع اتجاه مجلس الأمة، لأن أي فشل في ذلك سيسبب إرباكاً للحياة السياسية وإعداماً سياسياً لوزرائه!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي