خواطر صعلوك
متلازمة طالب الطب!
أصبحنا في كل مرة نعطس... نشعر أننا مصابون بأعراض «كوفيد - 19»... وفي آخر مرة عطست لم يقل لي أحد... يرحمكم الله! بل شعرت أنهم قالوا لي «الله يرحمك».
رغم أن العطس سلوك بيولوجي يمارسه الإنسان طوال السنة، إلا أنه لا يحظى بكثير من البحوث العلمية، والرقم الأكثر استشهاداً به بالنسبة لمعدل تكرار العطس يأتي من مقابلة مع طبيب في أخبار «ABC news»، والذي حدده في 200 عطسة لكل شخص في السنة، كما يخبرنا راندال مونرو في كتابه الممتع «ماذا لو»؟
حسناً عزيزي القارئ... لماذا كلما عطسنا شعرنا أننا مصابون بفيروس كورونا؟
هناك في علم نفس السلوك الطبي أو المرضي متلازمة اسمها «متلازمة طالب الطب»، وهو مصطلح أدبي لوصف نوع من الوسواس المرضي يبدأ بالظهور عندما يبدأ الشخص في التعلم أو القراءة عن مرض معين ويبدأ في الاعتقاد بأنه يعاني منه، لذا يعتبر المرض نوعاً من الأبوفنيا وهي تجربة رؤية الارتباطات بين أشياء لا وجود لها.
وبما أننا في الفترة الأخيرة، وبسبب منصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت كل المعلومات الطبية عن فيروس كورونا وأعراضه، أصبحنا نقرأ أكثر عن المرض، تعمق إيماننا بإصابتنا بعرض أو علامة تترافق معه... مثلاً، يقرأ المرء كثيراً عن ورم المخ والذي يترافق مع الصداع، فإذا تصادف أن المرء يعاني من صداع في تلك الفترة، فإنه يفترض أنه مصاب بورم في الدماغ. هذه المتلازمة ليست محصورة على طلبة الطب، إذ إن كل شخص يقرأ في المواضيع الطبية معرض لهذه الحالة، ولكن وُجد أنها منتشرة بشكل أكبر بين طلبة الطب.
عن نفسي لا أجد هذه المتلازمة منتشرة بين طلاب قسم التاريخ في جامعة الكويت، فإذا سمع طالب قسم التاريخ صوت حوافر الخيل خارج النافذة، فإنه لن يعتقد أنه صوت حوافر الخيول في معركة بلاط الشهداء التي يقرأ عنها، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصحة والحياة والموت تظهر تجربة رؤية الارتباطات بين أشياء لا وجود لها.
إن مشاعر الخوف قد تكون أخطر من بعض أعراض المرض، فالحمى والاجهاد العام والصداع أو حتى الإسهال وسيلان الأنف والسعال كلها أعراض على حدة تتداخل وتتشابه مع أعراض كورونا، ولكنها مجتمعة بالإضافة إلى السعال الجاف وضيق التنفس قد تلزم منك مراجعة طبيب، تماماً كما يتداخل الصداع مع ورم المخ والإنفلونزا العادية.
عزيزي القارئ... إذا كانت متلازمة ستوكهولم هي المتلازمة التي كانت الأكثر انتشاراً وقت الربيع العربي والذي تحوّل إلى خريف دموي، فإن متلازمة طالب الطب هي الأكثر انتشاراً وقت الحظر الجزئي الذي نتمنى ألّا يتحول إلى حظر كلي.
وفي ختام المقال... وربما في الأيام المقبلة أحدثكم عن متلازمة أخرى اسمها متلازمة «الأصفهاني» والتي تقول إنه حتى أكثر النُسَّاك ورعاً ليسوا في مأمن من أن يصيروا أطفالاً صغاراً أمام امرأة جميلة... ولكنهم لا يبالون إطلاقاً بامرأة ذكية.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
قصة قصيرة:
- هااااتشي
- إحم!
moh1alatwan @
