No Script

ببساطة

الجامعة انعكاس للمجتمع

تصغير
تكبير

انتهت قبل أيام انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت - فرع الجامعة - حيث لم تأت نتائج تلك الانتخابات بأي جديد، فلا تزال القائمة الائتلافية (الذراع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين) تكتسح انتخابات الجامعة، منذ أكثر من أربعين عاماً من دون وجود منافس حقيقي من القوائم الأخرى.
هذه النتيجة المتكررة على مدى العقود الماضية، هي انعكاس مباشر لما يحدث في المجتمع، فالائتلافية جاءت لتقود دفة اتحاد الطلبة مستفيدة من دعم السلطة لتيار الإسلام السياسي لمحاربة المعارضة الوطنية، عندما فتحت جمعيات النفع العام واللجان الخيرية ومنابر المساجد وجميع وزارات الدولة لهذا التيار، بينما تم التضييق على الحركة الوطنية بشتى الطرق، ولعلّ أبرز مثال على ذلك هو حل نادي الاستقلال وتصفيته.
وربما يتساءل البعض؛ كيف للإخوان أن يستمروا بقوتهم في الجامعة على الرغم من الضغط الإقليمي الكبير ضد جماعة الإخوان المسلمين، وانقلاب السلطة عليهم بعد الحراك الشعبي؟ وهنا علينا أن نستوعب طبيعة العلاقة بين السلطة وجماعات الإسلام السياسي، فرغم فتور العلاقة بين السلطة والإخوان المسلمين إلا أن السلطة لا تزال تعتبرهم حليفاً جيداً، بل إنني لا زلت أذكر مقابلة تلفزيونية مع أحد نواب «حدس» أثناء فترة مقاطعة الانتخابات حين قال إن هناك خطاً مفتوحاً بينهم وبين السلطة! لذلك لا يمكن أن نعتبر فتور العلاقة بينهما بأنها انقلاب من السلطة على جماعات الإسلام السياسي.
أما بالنسبة لانتخابات الجامعة، فالمراقب للوضع الانتخابي داخل جامعة الكويت يعلم تماماً أن الانتخابات الجامعية لم تعد كما كانت، فالنقاشات الفكرية التي كانت تعج بها أروقة الجامعة في العقود الماضية اندثرت ولم يعد لها وجود، وجاءت إعلانات نتائج فرعيات القبائل ولجانها لتحل محلها، وهو ما يؤكد فكرة انعكاس انتخابات الجامعة لما يحدث في المجتمع... فالمجتمع اليوم يعاني من التفكك والتعصب الطائفي والقبلي، ولو نظرنا لأعضاء مجلس الأمة اليوم لوجدنا بعضهم نجح بسبب الفرعيات أو التعصب الطائفي.
الشاهد في الأمر أن هذا الوضع سيستمر ما لم ينتفض الشباب الجامعي ليضع حداً لانحدار الحركة الطلابية، ويقف رافضاً تلك الممارسات السلبية التي تفكك المجتمع أكثر فأكثر، كذلك هناك لوم كبير يقع على عاتق الحركة الوطنية وتياراتها السياسية، فابتعاد الحركة الوطنية عن الجامعة وهموم الطلبة وقضاياهم يعتبر أكبر خدمة للتيارات الرجعية، لأن عدم وجود منافس فكري حقيقي يعني تكريس دور الفرعيات والاصطفاف الطائفي، فأنا شخصياً ما زلت أذكر تلك النقاشات الفكرية التي كنا نخوضها أثناء فترة دراستي في جامعة الكويت، وكيف كان أثرها إيجابياً علينا كقائمة طلابية ذات توجه وطني... بل كان لها الدور الأكبر في نجاح قائمتنا في ذلك الوقت، وإزاحة الإخوان المسلمين عن مقاعد رابطة كلية الطب بعد سيطرة استمرت خمسة وعشرين عاماً، لذلك أتمنى أن يبدأ التغيير من الطلاب والطالبات ليرسموا مستقبلاً جديداً جميلاً لهذا البلد، وألا يفقدوا الأمل ويستسلموا للواقع السيئ، فالتغيير هو الثابت الوحيد، ودوام الحال من المحال.

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي