قد لا تكون الكويت هي المدينة الفاضلة كما تخيلها أفلاطون، ولكننا بالتأكيد لسنا أهل مدين الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم ووصفوا بالغش بالوزن والمكيال. وإذا نفينا وجود الفساد فهو والله هو الفساد الحقيقي. وإلّا لما أنشأنا هيئة نزاهة لمكافحة الفساد؟
ولكن ما أعطى عنا وعن حكومتنا هذه الصورة السيئة من الفساد إلّا أسباب. فنحن لا نختلف بدرجات الفساد ولا ننقص في درجات الصلاح عن باقي الدول. ولكن هناك عوامل حكومية ساعدت على انتشار هذه الصورة، فالسرقات والتجاوزات لدينا ليست بالآلاف أو حتى الملايين، بل وصلت للمليارات. المتهمون في هذه القضايا ليسوا مواطنين عاديين أو موظفين صغاراً، بل هم عِلية المجتمع. ويكفي لإثبات ذلك بأن 3 من الوزراء أبعدوا عن مناصبهم بسبب تجاوزات مليونية على المال العام ولم يقدموا للعدالة حتى الآن.
ومع التحقيق مع النائب البنغالي في النيابة أجاب «أنا شريف، بس الموظفين هم الفاسدين» وأثبت صحة كلامه بالقول بأن عقوده مع الحكومة ما زالت مستمرة. ولدينا فاسدون لهم حصانة برلمانية، وهم مَنْ سموا بالقبيضة، وللأسف أُعيد انتخابهم أكثر من مرة. ونواب يرفعون أيديهم أو يخفضونها للموافقة أو الاعتراض على أي قرار مقابل ثمن إما نقدي أو عيني، لكل استجواب يقدم لأي وزير. بل وتحقق لهم مطالبهم ويعطون خدمات وامتيازات لا يستحقونها.