في ثمانينيات القرن الماضي، وفي قلب أحداث حرب الخليج الأولى، قام النظام العراقي البائد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد أبناء شعبه، وفلت من العقاب في حينها ولم يلتفت المجتمع الدولي بقوة لمحاسبة أو معاقبة نظام صدام حسين. ولم يكن استخدامه للكيماوي يمثل أولى جرائمه، بل تفنن في القتل وفرض سلطته بالقوة والترهيب، عبر محاسبة أبناء الشعب أو تصفية بعض القيادات وأعضاء حزبه المناوئين، وكل من يعارض حزب البعث الاشتراكي المجرم.
إفلات صدام من العقاب الدولي في حينها كان مقصوداً، وجاء بحسب ما تشتهي رياح المصالح الدولية، ولم يحاسب إلا بعد أن شاءت المصالح الدولية إقصاءه من السلطة وإسقاط نظامه بالكامل عام 2003، بعد أن جفت دموع أهالي الضحايا وكاد العالم أن يطويهم في سجلات النسيان، التي تفتح وتغلق حسب أهواء ومصالح القوى الكبرى.
بشار الأسد آخر من تبقى من جيل ما يسمى بالتحرر من الاستعمار، وهو امتداد لثورة أبيه حافظ، ذلك الجيل الذي أفرز طغاة العرب الذين تساقطوا أخيراً. لا يزال يستخدم الأسلحة المحرمة دوليا رغم تعهداته التي ليس لها أي قيمة، ولأنه أمن العقوبة، انتهك القوانين الدولية والمواثيق والعهود والقيم الإنسانية، ولا يزال المجتمع الدولي يتفرج ويعلن أنه سيتحرك لمعاقبة الرئيس السوري المجرم، وقد ذكرت في مقال سابق أن لسان حال دول العالم الكبرى، كأنه يقول لبشار: اقتل مئات الآلاف وشرد الملايين من شعبك ولكن إياك أن تستخدم السلاح الكيماوي!