كلامي لجيل مواليد أواخر الستينات إلى أوائل السبعينات، وأسميته جيل (حبة الرحى)، وأقصد به جيل الوسط ما بين جيل الطيبين وجيل السوشياليين، في البداية لمن لا يعرف معنى كلمة (حبة الرحى)، هي عبارة عن حجرين يشكلان دائرة ويفترقان من الوسط، ويتم وضع الأول على الثاني بشكل متواز، وإنزال المادة المراد طحنها (الحبوب) من ثقب صغير وسطهما، وتحريك اليد حتى تُطحن الحبوب.
والسؤال لماذا شبهت هذا الجيل بالذات بحبة الرحى؟ لأنه جيل عاصر جيلين «الطيبين» جيل الأبيض والأسود وجيل الملونين والعولمة والسوشيال ميديا، فالحجران هنا كناية عن الجيلين اللذين طحنا حياتنا (النساء من هذا الجيل فقط وليس الرجال). دعونا نبدأ معكم بقصة جيل (حبة الرحى) من البداية عندما كنا نحن مواليد (أواخر الستينات وأوائل السبعينات)، في سن المراهقة - في مرحلة الثانوية - لم نعش كما عاشت البنات الآن نجد الوحدة منهن تضع رِجلاً على رِجل تأمر وتنهي في البيت، وتأكل وتشرب وتمسح يدها بـ«الطوفة»، كنا نرجع من المدرسة نتسلم شغل البيت فلانة اليوم عليها غسل الصحون وفلانة عليها كنس الصالة وغرف البيت، وفلانة عليها تحضير وجبة العشاء وفلانة دور جليسة الأطفال مع إخوتها الصغار، لأن والدتها عندها «عزومة نسائية»، وكنا ممنوعات من مجالسة الكبار، فقط دورنا معهم «صب» الشاي والقهوة وتقديم واجب الضيافة. بالمختصر كنا بنات شغل ودراسة.
قلنا نتزوج ونعيش حياتنا ونرى الراحة، ولسوء حظنا كان وقتنا وقت سلطة الخالات - أم الزوج - واستمر مسلسل (حبة الرحى)، كانت «الكنات» - زوجات الأبناء - كل وحدة لها دور في شغل البيت، كل يوم الدور على الكنة الفلانية في الغداء وفي شغل البيت، وممنوع الاستقلالية في شقة، فبيت العائلة يكفي كل ولد مع زوجته في غرفة، وكنا مستحيل في (زوارة العائلة) ندخل وأيادينا فارغة، كل كنة تحمل معها ما لذ وطاب من الأطباق والخالة (أم الزوج) جالسة واضعة رِجلاً على رجل، ونحن من يقوم بـ«صب» الشاي والقهوة، وتقديم واجب الضيافة أما في وقتنا الحالي الكنة زوجة الولد بعد الزواج تجد الشقة والسيارة والشغالة تحت يدها وعندما تزور عائلة زوجها (الزوارة) في الكويتي، تدخل على أهل زوجها حاملة تلفونها بيدها وشغالتها تحمل شنطتها.