No Script

من الخميس إلى الخميس

الموجة الثانية... الجزائر والسودان

تصغير
تكبير

كلما ثار الشبابُ تَلمَّسَ الطغاةُ أعناقَهُم، مضت الموجة الأولى بسلام على بعضهم وجاءت الآن الثانية.
ولكن ما الذي يدعو الشباب إلى ذلك الغضب، هل هي مؤامرة على استقرار أمة العرب؟، مؤامرة يرسمها في الخارج مختصون من وكالات الاستخبارات للسيطرة على الشعوب، هل هي ردة فعل طبيعية لكمية الظلم والفساد والحرمان الذي تعيشه الشعوب؟ فسادٌ يدفعُ ثَمَنَهُ أولاً الشباب من أحلامهم ومستقبلهم وسعادتهم، هل هو تنافس على السلطة تجعل جماعات سياسية على اختلاف توجهاتها تبحث عن الفوضى من أجل السيطرة على الحكم؟ كل سبب من تلك الأسباب وراءه من يُدافع عنه، وقد تحمل الأسباب جزءاً من الحقيقة في كل واحد منها.
السودان مزرعة كبيرة تحولت إلى قاع صفصاف، واليمن أرض الخيرات تحولت إلى أشجار من القات يمضغ الشعب أوراقه، والجزائر كان يقوده شبه إنسان لا يتكلم ولا يعي، وسورية والعراق تحولا إلى قضايا مزمنة لا أمل قريب في حلها.
لو كل حاكم عَمِلَ بإخلاص لمساعدة شعبه لفشلت كل المؤامرات الخارجية، ولخفّ الغضب ولفشل الحزبيون في أحلامهم.
الأمانة والقوة هما أساس الحكم، بهما تتجلى صور العدل والمساواة والحرية وبهما ينعمُ الإنسان بالأمن والأمان.
السؤال الأهم هنا، ما الذي منع البشير من العمل لإحياء السودان؟ ومن الذي منع بوتفليقة من التنازل المُبّكر حين شعر بعدم قدرته على الحكم؟ لو أجبنا عن هذه التساؤلات سنعرف حقيقة وضعنا.
عندما نربي أبناءنا على قيم الأنانية والتنافسات القاتلة، وعندما نحترمُ القوي ونحتقرُ الضعيف وعندما نُقدِّرُ التافه ونُهملُ العالِم، عندها نوفر البيئةَ الحاضنةَ للطغاة، وسنصبح كلنا، نعم كلنا، مشروعَ طغاةٍ، طغاة متى ما وصلوا الى الحكم ستَغلِبُ عليهم طباعهم التى تربوا عليها، لن يتخلوا عن السلطة ما داموا قادرين، حتى ولو كان الشعب كله ضحية فهناك دائماً طائفيون وشعوبيون وأقليات وتافهون مستعدون للدفاع عن الطغاة.
مضت الموجة الأولى بسلام على بعض الطغاة وأتت الموجة الثانية وستتبعها موجات، ولن يهدأ الوضع حتى يصل للحكم قادةٌ أقوياءٌ تمت تربيتهم على قيم الإنسان، العدل والمساواة والحرية، عندها ستهدأ نفوس الشباب، ولن يكونوا هدفا لا للاستخبارات ولا للجماعات السرية، وسيعود الاستقرار للشعوب من أجل أن تنشغل بالتنمية بدلَ انشغالها بالصراعات.
البداية من التربية، فهل نعي ذلك!

kalsalehdr@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي