No Script

الحريري يعاود تأكيد تمسُّكه بالبيان الوزاري وقرارات الجامعة العربية

صراعٌ في لبنان بين «ربْط النزاع» و... «نزْع رباط» النأي بالنفس

تصغير
تكبير

لم يتأخّر الصراع في الانفجار مجدداً بين «ربْط النزاع» الذي يشكل «الاسم الحَرَكي» لـ«الواقعية» التي يعتمدها خصوم «حزب الله» وحلفائه في لبنان حيال الملفات الخلافية الداخلية والاستراتيجية وبين العملية المُمَنْهَجة لـ«نزْع الرباط» الذي يقي البلاد الانزلاق «رسمياً» إلى محورٍ متفلّت من السقف العربي والدولي تارةً تحت عنوان التعاون مع إيران اقتصادياً وعسكرياً وطوراً مع النظام السوري تحت سقف الدفْع لإعادة النازحين.
وترى أوساطٌ مطلعة في بيروت أن هذا هو لبّ المسألة التي ظهّرتْها مداولاتُ الجلسةِ الأولى للحكومة الجديدة (الخميس الماضي) والتي جاءت نهايتُها «عاصِفةً» على خلفية إثارة وزراء «القوات اللبنانية» مسألة تفرُّد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب بزيارة دمشق وتحفُّظ وزير الدفاع الياس بو صعب في مؤتمر ميونيخ للأمن عن وجود منطقة آمنة بين سورية ‏وتركيا واعتباره أي وجود عسكري تركي من دون موافقة دمشق هو «احتلال»، الأمر الذي قابَلَه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بموقف مزدوج: الأوّل تأكيده في حضرة رئيس الحكومة سعد الحريري «أنا أعرف مصلحة لبنان العليا وأنا أحددها، وهذه صلاحياتي لأنني أقسمتُ يمينَ الحفاظ على الدستور»، والثاني توجُّهه الى أحد وزراء «القوات» الذي سأله «نسيت شو عملوا فيك السوريين من 30 سنة؟» قائلاً: «وما نسيتْ كمان انو انتو قصفتوا السفارة الفرنسية يوم 13 اكتوبر (1990) ولحقتوني لهونيك»، قبل ان ينهي النقاش ضارباً بيده على الطاولة.
واستقطبتْ هذه المداولات الصاخبة «ومتتماتها» بعد الجلسة الوزارية الأضواء من زاويتيْن: الأولى إبراز الانقسام «العمودي» حيال الملف السوري بين فريقٍ يرفض تحويل ملف النازحين ستاراً للتطبيع الرسمي مع النظام السوري من خارج العباءة العربية والدولية ويصرّ على التزام النأي بالنفس حيال هذه النقطة (التطبيع) وإلا انجرّ لبنان الى لعبة المَحاور، وهو الفريق الذي يشكل «رأس حربته» حزب «القوات» ويلاقيه فيه ولو من الخلف الحريري.


والزاوية الثانية إحياء «مسألة الصلاحيات» بين رئاستيْ الجمهورية والحكومة، وسط حرص أوساط قريبة من عون على تأكيد ان ما قاله في مجلس الوزراء هو في سياق ممارسة «واجباته الدستورية» ولا يدخل في إطار الصلاحيات كي يُفسَّر الأمر على انه مساس بصلاحيات رئيس الوزراء، في موازاة كلام مصادر قريبة من الحريري عن ان نص الدستور واضح لجهة إناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة في المجالات كافة.
ومن خلف هذا السجال الذي اكتسب دلالة أكثر أهمية بعد تأييد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقف عون في مجلس الوزراء واصفاً اياه بأنه «مشرّف»، مؤكداً «اذا لم يكن رئيس الجمهورية هو من يحمي الدستور فلا أحد غيره باستطاعته ذلك»، ترى الأوساط المطلعة أن جوهر هذا المناخ يتمثّل في أنه يعبّر عن منحى عملي لنقل الواقع اللبناني إلى «تموْضع» آخَر ولو عبر «القضم التدريجي»، معتبرةً أن عنوان «ربْط النزاع» الذي يرفعه الحريري بات يواجه «انكشافات كبيرة» على التوازنات التي اختلّت سواء في البرلمان أو الحكومة وسط عدم رغبة في «صِدام غير محسوب».
وتوقفت الأوساط عند مؤشرات عكست خشية من ان يكون الواقع اللبناني يتجه الى مزيد من «التدافع الخشن» السياسي الذي يهدّد مسار النهوض الاقتصادي - المالي الذي ما زال يتلمّس طريقه عبر مؤتمر «سيدر»، لافتة الى ما نقلتْه صحيفة «الجمهورية» عن أن عون سبق أن قال إن عودة النازحين لن تتمّ إلّا بالانفتاح على الرئيس بشار الأسد و«ان هذا الانفتاح إذا اقتضى منه أن يزور نظيره السوري فلن يتردد بالقيام بهذه الزيارة شخصياً»، في موازاة موقف لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم اتّهم فيه مَن يُعرقل عودة النازحين «بالتبعية للقرار الأميركي»، معلناً «مصلحتنا الاقتصادية أن تفتح الطريق بيننا وبينهم (سورية)، ومصلحتنا السياسية أن نكون معهم لمواجهة التحديات».
وإذ تسأل هذه الأوساط عن مدى قدرة الحريري على «دوْزنة» اللعبة تحت سقف «الصمود» في ظل العيون العربية والغربية على الواقع اللبناني، وهو الذي انتقل الى شرم الشيخ لترؤس وفد لبنان الى القمة العربية - الاوروبية حيث ستكون له لقاءات على هامشها، وسط توقُّفها عند اعتبار «كتلة المستقبل» إبطال المجلس الدستوري نيابة النائبة ديما الجمالي في طرابلس «غدراً سياسياً بها وبالرئيس الحريري»، كان لافتاً حرص الأخير عبر مستشاره نديم المنلا على معاودة تأكيد ثوابت موقفه بعد تفسيرات عدة أعطيت لالتزامه الصمت حيال «العصف الكلامي» في مجلس الوزراء اذ أكد «أن رئيس الوزراء يلتزم في مواقفه وممارسة مهامه انطلاقاً من البيان الوزاري للحكومة ولا سيما ما يتعلق بسياسة النأي بالنفس وقرارات الجامعة العربية»، معلناً ان توجيهاته «لجميع المعنيين تقضي بالامتناع عن الخوض بأي سجالات سياسية يمكن أن تحرف العمل الحكومي عن مساره المطلوب في هذه المرحلة، وهو على تواصل مع جميع الوزراء في هذا الشأن تجنباً لأيّ تفسيرات خاطئة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي