No Script

صاحبه حوّله متحفاً في فالوغا اللبنانية... ومع كل قَصّة قِصّة

«صالون فهد»... الحلاقة في رحاب التاريخ

تصغير
تكبير
رحلة إلى روابي فالوغا (قضاء بعبدا في جبل لبنان) بما تختزنه من كنوز، وجولة بين بيوتها الحجرية العتيقة ذات القرميد بما تختزله من تاريخ، يقدّمها فهد العنداري لزبائن صالون الحلاقة (المتحف الخاص به) من على كرسي الحلاقة نفسه.

ككل يوم (باستثناء الإثنين من كل أسبوع)، يحضر العنداري إلى صالون الحلاقة عند العاشرة صباحاً فيطلق صوت فيروز من المذياع، ثم ينصرف على أنغام موسيقى الحنين المنبعثة في الأجواء إلى استقبال زبائنه، واضعاً بين الحين والآخر لمساته على المقتنيات الموزّعة في المتحف الذي أراده لا لصيقاً بالصالون، بل هو الصالون نفسه تحت اسم «Salon Fahed for Men»، حيث «يهنْدس» تارةً وضعية البنادق القديمة هنا وينفض تارة أخرى الغبار عن نحاسيات هناك، أو يعدّل ترتيب الأحفورات والصخور المميزة على شكل حصان وسلحفاة وأرنب هناك.


وقبل أن يستوي الزبون في كرسيه تاركاً لأنامل فهد العنداري مهمّة قشّ ذقنه أو حلاقة شعره أو تنظيف بشرته، يجول بناظريه على المعروضات؛ يتفحص جديد «التشكيلة» التي ينتقيها العنداري من طبيعة فالوغا، ثم يمرّ على القديم الذي يزداد عراقة في تَوزُّعه على الجدران الحجرية الطاعنة في القدم، والتي يزيد عمرها عن 300 عام.

فكرة تحويل الصالون التقليدي إلى متحف تراثي، والتي لطالما راودت فهد العنداري «العتيق» في مهنة الحلاقة، تحوّلت إلى واقع في العام 2000، حين أعاد لجدران الغرفة التي يتخذها صالوناً من منزل حجري قديم بناه أجداده في فالوغا قبل أعوام كثيرة، حلّتها من زينة المنازل اللبنانية التراثية، مقرناً من خلال إضافته ما يجمعه من متحجرات وأحفورات وحجارة مميزة من الهضاب والوديان، بين احترافه مهنة الحلاقة وهواية تجميع الحجريات «الاستثنائية» والاهتمام بالتراث اللبناني الأصيل.

وقال العنداري لـ «الراي»: «ما يميّز الحلاقة في صالوني الذي لا مثيل له في لبنان أو أي مكان في العالم هو التجربة المتكاملة بين أحضان طبيعة فالوغا وتاريخها الذي يتجسد بجزء منه بهذه المقتنيات، فضلاً عن صوت فيروز الساحر والدردشة مع فنجان قهوة مميز من دون أن ننسى حلاقة الشعر أو تشذيب اللحية وقشّ الذقن بالتأكيد».

وعن اختياره لكل ما هو تقليدي من مذياع وهاتف قديم، بالإضافة إلى سبحات وسلال قش وفوانيس وخناجر قديمة، مهباج، وجرن حجري لدق اللحمة... يقول: «يللي ما إلو قديم ما إلو جديد»، مشيراً إلى ما لبلدته فالوغا من علاقة وطيدة وعريقة مع الأصالة اللبنانية والتاريخ بمختلف محطاته.

أما عن زبائنه الذين يقصدون صالونه ـ المتحف دون سواه فيوضح «أنهم من أبناء فالوغا والمناطق المجاورة، بالإضافة إلى زوار البلدة من الأخوة العرب؛ من الكويت والإمارات وقطر والسعودية...»، ممازحاً بالإشارة إلى أن «الخليجيين يحبون صالونه لان اسمه فهد، وهو اسم رائج في الخليج العربي».

وإذ يذكّر بالعلاقة القديمة التي تربط الكويتيين بمسقطه فالوغا، يلفت إلى أنهم يشعرون كجميع زبائن «المتحف» عند زيارته «بأنها زيارة»أهلية بمحلية«نتبادل خلالها الأحاديث ونحتسي القهوة»، آملاً من جهة أن «يشهد الصيف المقبل عودة الأخوة العرب إلى ربوع لبنان كما في الأعوام السابقة»، ومن جهة أخرى أن «يتمكن من توسيع متحفه وأن يضم إليه مزيداً من المقتنيات والحجارة والأحفورات النادرة بأشكالها المميزة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي