No Script

من زاوية أخرى

كيف تستثمر الحكومة نجاحها في مواجهة الأمطار؟

تصغير
تكبير

أثبتت أحداث الأسبوع الماضي وما قبله، ما بين يومي الجمعة والأربعاء، أن النجاح والفشل بيد الحكومة، فبإمكانها أن تنجح إذا أرادت ذلك وكانت عندها الرغبة والجدية، وقد تخفق أو تفشل إذا ركنت إلى الكسل أو استعانت بأشخاص غير مؤهلين ومفتقدين للحس السياسي وأمانة المسؤولية العامة.
فكما انتقدنا ورفعنا صوت العتب في قصور يوم الجمعة قبل الماضي، صفقنا في المقابل، ونحن نشاهد التلاحم بين أجزاء الجهاز الحكومي المعني، بكل مكوناته، إضافة إلى الجهات العسكرية من الجيش والحرس الوطني، بمواجهة الأزمات الطبيعية، ومشاركة المواطنين وخصوصاً المتطوعين منهم، فتناغمت تلك الجهود واتحدت في مشهد وطني رائع كرس روح العزيمة والإصرار للحد من تداعيات الأمطار المنهمرة، وما تولد عنها من سيول طرقت كل ناحية وطريق وباب. كانت بالفعل جهوداً تستحق الإشادة والتقدير والثناء، لأنها انطلقت هذه المرة من دوافع وإرادات صادقة ومتفانية، وكل الأمل أن يستمر هذا العطاء ليصبح نهجا للسلطة التنفيذية وليس ردة فعل يحركها الحماس وإسكات الرأي العام والنواب.
وأمام هذا المشهد الثاني الذي سر العين وأفرح القلب، تبرز مجموعة من القضايا تستخلص من الأزمة، وأولها أن الحكومة يمكنها أن تفشل في مهامها إذا تخاذلت واستعانت بغير المقتدرين، وتستطيع هي كذلك أن تنجح وتتفوق على نفسها، متى ما امتلكت روح المبادرة واستشعار المسؤولية والتحلي بالجدية والاعتماد على قيادات فعالة تنزل الميدان وتكون قدوة لغيرها. أما سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، فقد تقبل النقد والعتب، وسارع في معالجة مكامن الخلل، وأشرف بنفسه على سير العمل من غرفة عمليات وزارة الداخلية، وتابع الأمور أولاً بأول مع الوزراء وكبار المسؤولين ليلاً ونهاراً. كما أن تداعيات الأمطار أظهرت وجود فساد حقيقي في البنى التحتية وخصوصاً شبكات الصرف الصحي، وكذلك تنفيذ بعض الأعمال الإنشائية الخدمية كالطرق والمرافق الحكومية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في الرقابة الرسمية على المقاولين والمتعاقدين وتصميم برامج مواصفات وجودة حديثة للمشاريع الحكومية كافة.


ومن الأمور المضيئة في الأزمة، بروز بعض الجهات الحكومية بكفاءتها واقتدارها، مثل فرق الحرس الوطني التي شاهدنا إمكاناتها في إنزال القوارب وشفط المياه الناقعة على الدائري السابع واستطاعة عناصرها الوطنية تشغيل المعدات الثقيلة واستعمالها كالحفارات وآليات النقل والمعدات اللوجستية. كما قامت قوة الواجب غيث من الجيش بمساندة وحدات متخصصة من هندسة المنشآت العسكرية بوزارة الدفاع بجهود جبارة وفي وقت قياسي، وذلك بإنشاء حواجز ترابية واسمنتية لتحويل مجرى السيول إلى مناهل صرف الأمطار وكذلك بفتح المجاري الصحية وقنوات مرور السيول في عدد من المناطق السكنية. كما لعبت الإدارة العامة للإطفاء دوراً محورياً في عمليات الإنقاذ والمساندة والعمل بطاقة مضاعفة على تلبية حجم البلاغات الكثيف، وهو ما يؤكد أهمية هذا الجهاز وضرورة تطويره وتزويده بالمعدات الحديثة.
وفي السياق نفسه بذلت وزارة الداخلية بمختلف قطاعاتها جهوداً كبيرة في التوعية الأمنية ومتابعة شبكة الطرق على مدار الدقيقة، والانتشار الفعال في كامل مناطق الكويت وخطوطها السريعة والفرعية، وعملت بلا كلل أو ملل على تقديم الدعم للمواطنين والمقيمين والتعاطي فورياً مع البلاغات والحالات الطارئة.
وإزاء ما تابعناه، فإن الحاجة أصبحت ماسة وفعلية لإنشاء جهاز متخصص بإدارة الأزمات والكوارث، يضم تحت مظلته خبرات وطنية في مختلف التخصصات. وموضوعياً، فإن الكويت ليست بلداً معتاداً على التعرض للعواصف الرعدية المحملة بالأمطار الغزيرة، ولذا فمن المهم تطوير قدرات الأجهزة الحكومية ذات العلاقة في مواجهة هكذا تحديات ومخاطر، مع ضرورة استنباط الدروس والعبر من حوادث الأمطار التي مرت على البلاد والاستفادة منها.
إن نجاح الحكومة الأخير على الأرض، وتحت الظروف القاسية أعاد شيئاً من الثقة لها، وعليها أن تستثمر هذا الانجاز لتحسين صورتها النمطية عن طريق مواصلة جهودها للقضاء على بؤر الفساد والفاسدين، وتقديم مبادرات هادفة يشعر المواطنون بقيمتها.

h.alasidan@hotmail.com
@Dralasidan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي