No Script

كنت ضمن العمال الذين شيدوا بناية ثنيان الغانم في شارع الجهراء سنة 1956

محمد علي الجلاد: أدركت الهدامة... والجراد سنة 1954

تصغير
تكبير
 إعداد: سعود الديحاني



• شاركت مع المتظاهرين ضد تهديدات قاسم سنة 1961

• كان شاوي الاغنام يخرج ويعود بها من دروازة الشامية

• كنا نؤجر الدراجة الهوائية الساعة «بروبية»

• كانت كلمة النداء عند حرس السوق «صاحي صاحي»

• قضيت جل عمري بقالاً في السالمية

• كانت يوميتي من البنيان 18 روبية

• كل من يدخل بيت الشيخ عبدالله المبارك لا يخرج حتى يتناول الأكل فيه

• المهارة هم مَن يقومون بتوزيع الماء في الخمسينات



نحن اليوم مع شاهد عيان للكويت الماضي، ادرك سورها ويوم استقلالها يحدثنا محمد علي الجلاد عن مجيئه سنة 1954، ثم عن الاعمال التي انخرط بها، والمعالم التي شاهدتها واندثرت، بعد ذلك ينقلنا في الحديث مهنة البيع والشراء، أحاديث شيقة ومتنوعة، بعبق الماضي، فلنترك له ذلك:

بلدي قرية على البحر المتوسط يطلق عليها ام خالد بالقرب من المدينة الاسرائيلية نتانيا وهي كقرى فلسطين يمتهن اهلها الزراعة اما اسرتي فكانت الى جانب الزراعة تملك قطعان من الماشية والمياه كانت متوافرة بها قريبة فليس ثمة عناء في حفر الآبار فلو حفر على عمق مترين لخرج الماء نبعا صافيا والمحاصيل التي كانت تزرع الحبوب والخضراوات والحمضيات وقد بدأت حياتي في الكتاتيب عند شيخ القرية تعلمنا منه القراءة والكتابة بعد ذلك انتقلت الى مدينة طولكرم ودرست بها دراسة نظامية في المدرسة التي كانت تعرف باسم المدرسة الفاضلية وأتممت الدراسة بها الى الصف السادس ثم حصلت ظروف الحرب العام 1949 فبدأت رحلتي العملية نجارا حيث تعلمت النجارة عند نايف الحاج حسن ثم فتحت وكالة الغوث والمدارس الاهلية تقوم بتعليم بعض المهن العملية فانخرطت بها في قسم النجارة مكملا لما تعلمته عند نايف الحاج حسن ومكثت في المدرسة خمسة أشهر ثم طبقت بعد ذلك ما تعلمته مع المقاولين في اعمال التسليح.

الكويت

ثم طرق على سمعي اسم الكويت من كثرة الناس الذين يذهبون اليها فعزمت ان اشد رحلي واتوجه اليها فاستخرجت جواز سفر وسافرت عن طريق البر توجهت الى الاردن ثم البصرة ومن البصرة الى الكويت فكانت الرحلة شاقة ومتعبة وتخللها العناء حيث كنا نمشي على اقدامنا مسافات طويلة ونحن في شهر يوليو ومعروف بحرارته الشديدة وقد اعترضت رحلتنا قوة الحدود الكويتية واعادتنا الى منطقة سنام ثم عدنا مرة اخرى انا والرفاق الذين معي الطريق المؤدي للكويت.

الشارع

حين عودتنا مرة اخرى للكويت بعد أن اعادتنا القوات المسلحة للعراق جئنا مع سيارات اجرة ثم نزلنا بالقرب من منطقة المطلاع وذهبنا مشيا حتى وصلنا إلى محل تواجد عمال دائرة الاشغال وهم يرصفون طريق الجهراء - الكويت وهو اول طريق يربط الكويت بالجهراء وقد اكرمونا وقدموا لنا الشراب والطعام واسترحنا عندهم ثم ركبنا احدى السيارات ونزلنا بالقرب من الامن العام حيث تواجد ابناء اخي وكان لهم محل للمواد الغذائية يعملون فيه ... توجهت حيث مقر سكنهم في منطقة المرقاب وبعد ذلك توجهت للعمل عند أحد التجار اسمه احمد ابو غزاله وكان له محل في الشبرة التي كانت مقابل البنك الوطني بالقرب من الشارع الجديد وكانت هذه البسطة يباع فيها الخضراوات ومنها الفجل والبصل والخيار وصرف لي راتب مقداره 200 روبية بالشهر لكن لم استمر معه طويلا فتوجهت لعمل خاص بي انا وابن عمي حيث قمنا بتأسيس محل تصليح الدراجات الهوائية واستأجرنا المحل من املاك الشيخ ناصر صباح الناصر وكان موقعه محل مجمع الوزارات اليوم.

الهدامة

وخلال هذه الفترة حدثت هدامة 1954 حيث تساقط المطر عدة ايام مما سبب وقوع كثير من البيوت وجرت السيول بالطرق والساحات، واذكر أننا كنا أحد عشر نفرا في غرفة واحدة والعوائل سكنت المدارس حيث تضرر كثير من بيوت الاهالي وقد اصبحت المرقاب بركة ماء.

التصليح

المحل الذي استأجرناه من املاك الشيخ ناصر صباح الناصر كان لتصليح الدراجات الهوائية ولم يكن للبيع وكنا نؤجر احيانا الدراجة الساعة بروبية وكان هناك اقبال من الناس على الدراجة في هذا الوقت ولم نكن نحن الوحيدين بل كان بجوارنا محلات وكذلك قهوة عباس وكانت سمة الامن هي السائدة في تلك الايام والحراس منتشرون وهم حرس السوق وكلمتهم معروفة وهي «صاحي صاحي» واذكر كنا ذات يوم جالسين في القهوة وكان الراديو صوته عاليا فجاء رجال الامن واخذوا الراديو وصادروه حيث انه يوجد قانون يمنع فتح الراديو قبل صلاة العشاء إلا وقت الاذان... وكان هناك حكم صارم والقانون يطبق بكل حزم والذي يقوم ذلك هو الشيخ عبدالله الاحمد كان حازما في تطبيق القوانين.

الجراد

جاءنا جراد عام 1954 وكان من كثرته يغطي عين الشمس فقال لي جارنا في المحل هل تأكل الجراد فقلت نعم وكان عنده دراجة نارية «سيكل» وكان يقيم في منطقة النقرة فذهب واتى بالجراد واخذنا نقطع ارجلها واجنحتها ثم نجهزها للاكل.

المبارك

الشيخ عبدالله المبارك كان طيبا وكريما جدا لا أحد يدخل قصره من غير أن يأكل، انا اشتغلت في قصر الضبيعية نجارا حيث انني عملت في التسليح نجارا مع المقاولين، اول بناية عملت بها كانت لخالد غنيم واخرى لعيسى الصالح.

السور

كان السور ضاربا على مدينة الكويت وله بوابات انا ادركته فأنا جئت سنة 1954 ورأيت البوابات ودخلت منها البريعصي والشامية والجهراء والشعب وحتى الحلال من غنم ومعز كانت تذهب للمراعي خارج السور وتعود في المساء من بوابة الشامية وكنا نرى الشاوي وهو يعود بالاغنام من دروازة الشامية ويذهب إلى المرقاب وسوق الغنم الذي يطلق عليها الصفاة كانت متواجدة في المرقاب بالقرب من الامن العام.

المسلح

اول عمل لي مع المقاولين نجار مسلح في فلل الشيخ جابر العلي في محل النقرة الشمالي والجنوبي ومقاولنا كان سوريا ويوميتي كانت 16 روبية، لكن لازلت اذكر عملي في عمارة ثنيان الغانم سنة 1956 التي مقابل دروازة الجهراء المتواجدة بالقرب من دوار الجهراء وهي اول عمارة ضخمة وكبيرة البنيان في الكويت ولم يكن هناك عمارة في حجمها في الكويت ولا تزال موجودة على مدخل الكويت من ناحية الجهراء ولم يكن في شارع فهد السالم عمارة مثلها وهي بها شدة مصرية وهي تختلف عن الشدة الشامية والعادية فالمصرية يستخدم لها خشب كثير ولما حدثت ازمة السويس وحرب السويس العدوان الثلاثي ارتفعت المواد أي مواد البناء لكن استمر بناؤها وعمارة ثنيان الغانم التي عملت بها نجاراً مسلحا كانت من اكبر العمارات في الكويت في تلك الايام سواء من ناحية الأفقية أو العمودية وموقعها في واجهة بوابة الجهراء.

الكونغو

الشركة التي عملت بها نجاراً مسلحاً كانت تابعة لاتحاد المقاولين «الكونغو» وقد تنقلت معها في اكثر من موقع في مصفاة الشويخ في مصنع الكلور والملح ثم انتقلنا الى الفحيحيل وكنت اخد يومية قدرها 18 روبية ولنا دوام اضافي «اوفر تايم» لأن الجو كان مرهقاً ومتعباً كنا ننام في مصفاة الشويخ على برودة الماء كان الجو اما حارا او رطبا وفي الشتاء برداً قارساً وقد استمررت في الشركة مدة كبيرة وشركة تعمل مع ادارة الكهرباء لأن رواتبنا نأخذها من ادارة الكهرباء وكانت في تلك الفترة ادارات وليس وزارات، بعدها آخذ كانتين مع احد اصحابي في كراج الاشغال لكن لم استمر ثم تحولت الى منطقة السالمية حيث اشار لي احد اصدقائي ممن كان يعمل معي في عمل البنيان ان آخذ محلاً لبيع المواد التموينية وكان ذلك سنة 1961 وكان مكان المحل في بناية الزبن واذكر انني اخذته وقت ازمة قاسم ومظاهرات التنديد ومن ذلك اليوم انا اعمل بها وكان ايجارها 30 ديناراً.

المواصلة

انا اخذت البقالة التي هي محل التموين من رجل من بيت لحم اراد ان يترك الكويت وبمشورة اولاد اخي الذين يعملون في بيع المواد الغذائية تشجعت لكن هذا العمل لم يكن لي به خبرة فذهبت وقلت لأولاد اخي لقد اخذت هذه البقالة لكن انا لا اعرف في هذه الشغلة فأشاروا علي ان كل زبون يسألني عن شيء او بضاعة اقيدها في ورقة ثم اذهب الى سوق بيع الجملة واوفرها في محلي وفي هذه الطريقة استطيع ان اوفر جميع ما يريده الزبائن من البقالة وتكون عندي معرفة وإلمام واخذ العمل يتطور معي يوما بعد يوم ولم اكن شديداً مع الناس بل متسامح كنت ابيع نقدا ومؤجلا ويأتي بعض الزبائن ويأخذ مني ما يريد ثم آخر الشهر وقت الرواتب يأتي ويدفع الذي عليه.

الطريقة

كان عملي يبدأ من الصباح الباكر حيث اقوم وارتب عملي لهذا اليوم واوزع العمل على الذين يعملون عندي وكانوا خمسة عمال فهؤلاء يذهبون الى البيوت يوزعون طلبات الزبائن في انحاء السالمية.

السجاري

كان كفيلي الاول عبدالله جاسم السجاري رجلاً طيباً الله يرحمه والثقة متبادلة بيننا، واسم البقالة كان بقالة النمر ثم حولتها الى مخزن النمر بعد ذلك اسميتها بقالة «اسماء» على ابنتي ومال الحلال لا يذهب، شب حريق في البقالة لكنه انحسر ولم ينتشر ولم يصل الى الثلاجات والبضاعة، والبقال الناجح هو من يتعاون مع الناس ويصدق معهم ولا يأكل حراما، كان والدي رحمه الله يقول «ان الحرام يقول للحلال اطلع ثم يطلع وراءه يخرج معه».

الغربللي

كانت الكويت في السابق تختلف عن اليوم وكان سوق الغربللي مشهوراً الذي هو في شارع فلسطين وكذلك الشارع الجديد وسوق واجف، وكانت عندي هواية القراءة كنت احافظ عليها واتابع المجلات والصحف مثل آخر ساعة والمختار.

الماء

كان المهارة هم من يقومون بتوصيل الماء للبيوت فنحن سنة 1954 كنا نسكن المرقاب ويأتي المهرة لنا بالماء ثم يضع على الجدار خطاً علامة على إيصال الماء لنا واذا وصل العدد الى اربعة خطوط جعل الخامس مستطيلاً وهكذا واذا جاء آخر الشهر وضع نقطة وحاسبناه على ما مضى ويبدأ من جديد، ولما سكنت السالمية في وقت الصيف كنا ننام على الشاطئ لأنه ابرد ولا نشعر إلا بموج البحر ويصل لنا ونحن في عمق النوم.

قاسم

كانت ازمة قاسم فيها مظاهرات تنديد واستنكار وكثير من جماعتنا بعث برقيات تأييد لإجراءات الحكومة واستنكار لتهديد للحكومة والجميع وقف مع الكويت بلد الخير.

الزبائن

أطفال الأمس البعيد الذين كانوا يأتون اليّ في البقالة اصبحوا اليوم رجالا كبارا ولهم وظائف مرموقة، كثير منهم يقول كنا نشتري ونحن صغار حتى ان احد مفتشي البلدية جاءني وقلت له انني في هذا المكان قبل ولادتك.

الأسرة

الحمد لله عندي خمس بنات وولدان وجميعهم ولدوا في الكويت وقد درسوا واكملوا تعليمهم الجامعي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي