عبدالله كمال / ... ولكن / لم يدفعوا؟

تصغير
تكبير
شرح لي الوزير رشيد (وزير التجارة والصناعة المصري) تصوراً، قد يكون معقداً، ويحتاج وقتاً أطول، لكي نجتذب مزيداً من الأموال العربية إلى المنطقة العربية. ولكني كنت قد بدأت معه من نقطة مختلفة ... حول ما إذا كانت الدول الخليجية قد خضعت لضغوط دفعتها إلى أن تخسر أموالاً رهيبة في معالجة الأزمة المالية الدولية؟
كانت لديَّ قناعة تستند إلى نذر من معلومات وقليل من تحليلات، مؤداها أن بعض دول الخليج تواجه مأزقاً بسبب الأزمة المالية الدولية، وأن هذه الأزمة ثلاثية الأبعاد... البعد الأول: في الأزمة نفسها. والثاني: في انخفاض أسعار النفط بعد أن جهزت دول الخليج نفسها لفترة طويلة من الرخاء. والثالث: أن هناك ضغوطاً غربية تريد استخدام الأموال المتوافرة من بترول الخليج في إصلاح ما أفسده الغرب في الاقتصاد العالمي.
وقد قيل إن الخليج تورط وخسر 80 مليار دولار في هبوط البورصات العالمية، بعد أن نصح مستثمريه بالدخول إلى السوق قبل انهيارها، ولكن ليس هناك مايؤكد تلك المعلومة.

رئيس وزراء بريطانيا جوردون براون، الذي أعيد إلى الحياة السياسية من عدم بسبب خطته في معالجة الأزمة المالية في بريطانيا، ارتكب حماقة كبيرة حين ذهب إلى الخليج، وقال علناً إن عليهم أن يدفعوا مما كسبوا لاحتواء أزمة العالم، وأن صندوق النقد الدولي يحتاج إلى أموالهم للتغلب على مشكلات رهيبة، وقال كلاماً معناه أنه قد حان وقت الدفع من ريع البترول.
عاهل السعودية قال قبل أن يسافر إلى قمة العشرين في الولايات المتحدة، التي اختارت مصر ألا تذهب إليها هذه المرة، وسوف تحضرها غالباً في المرات المقبلة: «إنه لا يمكن أن يكون علينا أن نتحمل الأعباء المالية للأزمة».
من جانبي ومدفوعاً بتصورات منتشرة حول أن الغرب يرى أن ما يكسبه العرب من البترول عليهم أن يعيدوا دفعه في الخزائن الغربية، قلت للوزير رشيد: «هل هناك ضغوط على الخليج لكي يتم دفع أموال لعلاج الأزمة؟» فنفى علمه بذلك، وقال: «لا أعتقد أن أحداً يملك عليهم ضغطاً.
وأضاف: «لقد رأيت الشيخ منصور بن زايد بعد أن اشترى قرابة 16 في المئة من أسهم بنك «باركليز»، وهو ما يجعله أكبر شريك في البنك، وجدته سعيداً بالصفقة، وليس مكرهاً عليها ويراها تاريخية.
وفي إطار حديثه عن الشيوخ الذين يعرف الكثيرين منهم قلت له: «وهل تعتقد أن هناك مشكلة سوف تتعرض لها دبي، الكثيرون يقولون ذلك؟» فرد: «كنت مع أحد شيوخ دبي، وقد توقع أن تتعرض العقارات لترا جع مابين 15 في المئة، و20 في المئة، لكن هذا لن يمثل مشكلة كبيرة، وفي المقابل تتمتع أبوظبي باستقرار كبير جداً، وقد لمست ذلك بنفسي خلال زيارة أخيرة».
وهنا سألته: «أليس صحيحاً أن زيارتك لدبي قبل نحو شهر أُلغيت لأسباب تتعلق بالوضع المالي الصعب، ومن ثم لا مجال لحديث عن طلب الاستثمارات من دبي إلى مصر؟» فقال: «أبداً... فقط لم يكن في ذلك الوقت متاحاً أن ألتقي من أريد أن أقابلهم، لأنهم خارج دبي».
وقال: «كلنا يعاني من آثار سلبية للأزمة الدولية بطريقة أو بأخرى، ما نستطع ان نقوله أننا نمضي قدماً في إقناع الصناديق العربية الخليجية لكي تستثمر أكثر في المنطقة العربية، وبطريقة مختلفة هذه المرة... أي أن تستثمر الأموال السعودية في السعودية، ثم تذهب إلى مصر وغيرها، وأن تستثمر الأموال المصرية في مصر، وتذهب بعدها إلى أسواق شقيقة، وهكذا».
وأضاف: «المهم الآن أن نوفر الفرص، وما نعمل عليه هو أن نخلق أوضاعاً قانونية من خلال مشروعات اقليمية يتم فيها التوافق بين استثمارات من الاتحاد المتوسطي ومن صناديق الخليج، خصوصاً في مجال البنية التحتية، فهذه الصناديق لا تريد أن تدخل باستثماراتها في التفاصيل، وإدارة المشروعات وإنما أن تضخ وتكسب، ومن ثم هناك فرص عديدة في جميع مجالات البنية التحتية... طرق، ومحطات كهرباء، وتسويق غاز، ومحطات تنقية مياه، وغير ذلك».
وقال: «المهم أن تكون هذه المشروعات قائمة على الأفكار الحرة، أي أن يدخل فيها المستثمر لكي يحقق مكسباً، فإذا أرادت الدول أن تحقق هدفاً تنموياً من مشروعات البنية التحتية فإنها تقوم بتحمل التكاليف لصالح مواطنيها».
ولكن ماذا جرى بعد هذا النقاش الذي تم في دلهي، وفي مباحثات مصر مع الأشقاء في أبو ظبي؟ هذه قضية أخرى نعود إليها فيما بعد.
عبدالله كمال
رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي