No Script

رأي «الراي» / بيان للنّاس عن... رأس الفتنة

No Image
تصغير
تكبير

مـِثل كل دولة في العالم، من أرقاها إلى أكثرها تخلّفاً، ومن أكبرها إلى أصغرها، تعيش الكويت هموماً ومشاكل تتفاوت نوعيّتها بين البسيط والمعقّد والصّعب جداً والمستعصي على الحلّ. لا الإنكار يفيد ولا التذاكي ينفع ولا التجاهل يساعد... ومع ذلك فالمبالغات تضرّ وتجرف الحلول والجهود إلى أماكن أخرى لا علاقة لها بالمعالجة أو الإصلاح.
مقدّمة بسيطة نعبر منها بشكل واضح ومباشر لمخاطبة أهل الكويت ومشاركتهم الرأي في تشخيص الأمور، فهم جبلوا على الحرية والمسؤولية، ولولا هذا الفضاء الديموقراطي الذي حرسوه وحصّنوه بوعيهم لما عاشت سلطة رابعة ولما استقام عمل السلطات الأخرى أساساً.

أولاً.. لسنا المدينة الفاضلة، وكل ما يحكى عن مشاكل وصراعات على السلطة أو بين التيّارات السياسيّة وسوء الإدارة وهدر المال العام والفساد... كله وغيره صحيح. إنما كي نكون منسجمين مع النفس علينا أن نقول أيضاً إن ذلك كله موجود عندنا وعند غيرنا، وإن المواجهة تكون بتقوية المؤسّسات النّاظمة والضّابطة في الدولة وليس بإضعافها، وإن التصدّي لهذه الآفات يستلزم تضامناً وطنياً لخلق إجماع سياسي – اقتصادي – اجتماعي ضاغط ولا يستلزم استحضار فتن تقسيميّة تهزّ هذا الإجماع لغايات خاصة.

ثانياً.. في ما يتعلق بالسلطة الرابعة وتحديداً نحن في «الراي»، يمكن أن نقول (وكلّه موثّق ومنشور) إننا كنا رأس حربة في التصدي للفساد وأخواته، وكانت لنا الريادة مثلاً في كشف صفقات تسليحيّة هادرة للمال العام (يوروفايتر وكاراكال وغيرهما)، وفي فتح ملفات التزوير، من الجنسيات إلى الشهادات، وفي كشف التجسّس على الناس والدعوة إلى مقاضاة ومحاسبة من ارتكب هذه الجريمة، بل كنا نذكر في صفحاتنا الأولى والأخيرة أحياناً أسماء ضباط ومسؤولين يتنصّتون على خلق الله. كنّا المبادرين في الإضاءة الدائمة على مكامن الهدر في المال العام ومحاربة الواسطات والمحسوبيّات والصفقات المشبوهة قبل حتى أن تُحال إلى القضاء، وفي إخراج المشاريع المفيدة للناس من أدراج البيروقراطية إلى مدارج التّنفيذ... والأهم من ذلك كلّه أننا كنا وما زلنا أكثر جهة حذّرت وتُحذّر من خطورة الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل وقلناها مباشرة ومداورة، حرفياً ورمزياً، بأننا سنصل إلى يوم نبحث فيه كيفية دفع الرواتب إن استمررنا على هذا النهج. وهو ما يحصل الآن.

ثالثاً.. حفلت الفترة الطويلة الماضية بمختلف أنواع التوتّرات عبر وسائل التواصل وكان همّ الجهة أو الجهات التي تحرّكها هو كيفية نقلها من عالمها الافتراضي إلى أرض الواقع بغية هزّ الاستقرار السياسي وبالتالي حدوث فوضى تلغي دور المؤسسات وتسهّل فرض مشاريعهم... من هم هؤلاء؟

رابعاً.. إنهم «القلّة الضالّة» أو الفئة المارقة. الأشخاص الذين مثلوا أمام القضاء العادل في ما عرف بقضية «قروب الفنطاس» وصدرت عليهم أحكام وهربوا إلى بريطانيا، وانضم إليهم لاحقاً بعض المتضرّرين من أحكام في قضايا أخرى من باب تحالف المتضرّرين أو الحاقدين، هؤلاء لا يهمّهم لو احترق البلد من أجل ما يعتبرونه قضيّتهم الخاصة وانحيازاً لروح الانتقام وجذوة الحقد في دواخلهم. لم يتركوا موبقة إلا وارتكبوها، من الإساءة إلى رموز النظام وكبارنا (كما ورد في الأحكام) والتزوير والفبركة وتجنيد الأنصار وضرب الوحدة الوطنية والإساءة إلى كرامات الناس وأعراضهم عبر حساباتهم التي أصبحت معروفة ومكشوفة في وسائل التواصل. أمثال هؤلاء يحقّ لهم المحاضرة بالعفاف ومحاربة الفساد؟

خامساً.. يجب أن يكون واضحاً أنّنا عندما نتحدّث عن هذه المجموعة فإنّنا نتحدّث عن أشخاص لا عن «شيوخ ومواطنين»، خصوصاً أن الأذى الذي صدر منها طال الشيوخ والمواطنين. هؤلاء يحرّكهم حقدهم فقط ومصالحهم ومشاريعهم الخاصة، ولذلك فهم لا يتورّعون عن التقرّب من أي مواطن أو شيخ لخدمة أهدافهم، أو التستّر وراء نائب أو شيخ، أو حتى ركوب الموجة الطائفية عبر دعم هذا الخطاب المذهبي أو ذاك الموقف المتطرّف... أو الإضرار بموظّفين عبر تجنيدهم لتنفيذ مهمات تخلّ بواجباتهم.

سادساً.. في موضوع التسريبات الأخيرة المتعلقة بتسجيلات في إدارة أمن الدولة، كان موقف هذه المجموعة ومن يواليها من شخصيات ونوّاب يدفع إلى الحزن والشفقة عليهم ولو شابته السخرية. هم احتجّوا على نشر بعض الوقائع في «القبس» و«الراي» في ما يتعلّق بملابسات التسريب، تماماً كمن يندد بمن رأى قاتلاً أو سارقاً متناسياً ما فعل القاتل أو السارق. المصيبة ليست في من مارس دوره المهني الاحترافي بالتوافق مع القوانين... المصيبة في من ارتكب الخطأ وخالف القوانين.
كانوا محبطين وقد انكشف «فيلمهم» الجديد (وليس الأخير) ولم يجدوا ردّاً سوى بالهجوم على الإعلام. بات هؤلاء يتعاملون مع الإعلام كما يتعاملون أحياناً مع القضاء، فإن كتب الإعلام شيئاً لمصلحتهم يعتبرون السلطة الرابعة «ملاذاً للحرّيات» وإن كشف وقائع ضدّهم صار «منحازاً». وإن أصدر القضاء حكماً لمصلحتهم ملأوا الدنيا إشادة بـ«حصن المؤسسات» وإن أصدر حكماً ضدهم شكّكوا به.

سابعاً.. البحث عن مبرّرات لأعمالهم بالهجوم على الآخرين بات «اسطوانة مشروخة»، والتغطية على مشاريعهم عبر زجّ أسماء شيوخ أو مسؤولين أو مواطنين لجعلهم في مواجهة مع الإعلام والناس هو عزف على وتر مقطوع، فللجميع احترامهم وتقديرهم ككويتيّين أولاً وأخيراً وكلما انكشفت «القلّة الضالة» أكثر... عزلت أكثر.
عموماً، فإن أهل الكويت صاروا يميّزون تماماً بين طرق الحق والباطل، ويقرأون بدقّة عبارات صاحب السمو الأمير (شافاه الله وعافاه وأعاده إلينا سالماً) وسمو نائب الأمير الموزونة بميزان الواقعيّة والمصلحة الوطنيّة والخوف على الكويت وشعبها.
ولرؤوس الفتنة الذين لم يفهموا، ولن يفهموا، ما كتب أعلاه... رسالة ونصيحة. الرسالة، هي أن «الراي» تسير رغم (...) بعض من في الداخل والخارج. والنصيحة هي: رأس الحكمة مخافة الله.

«الراي»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي